الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا

                                                                                                                                                                                                "من" موصوفة لأنها وقعت بعد كل نكرة ، وقوعها بعد رب في قوله [من الرمل ] :


                                                                                                                                                                                                شع رب من أنضجت غيظا صدره



                                                                                                                                                                                                [ ص: 60 ] وقرأ ابن مسعود وأبو حيوة : "آت الرحمن " : على أصله قبل الإضافة ، الإحصاء" الحصر والضبط ، يعني : حصرهم بعلمه وأحاط بهم ، وعدهم عدا : الذين اعتقدوا في الملائكة وعيسى وعزير أنهم أولاد الله ، كانوا بين كفرين ، أحدهما : القول بأن الرحمن يصح أن يكون والدا ، والثاني : إشراك الذين زعموهم لله أولادا في عبادته ، كما يخدم الناس أبناء الملوك خدمتهم لآبائهم ، فهدم الله الكفر الأول فيما تقدم من الآيات ، ثم عقبه بهدم الكفر الآخر ، والمعنى : ما من معبود لهم في السماوات والأرض من الملائكة من الناس إلا وهو يأتي الرحمن ، أي : يأوي إليه ويلتجئ إلى ربوبيته عبدا منقادا مطيعا خاشعا خاشيا راجيا ، كما يفعل العبيد وكما يجب عليهم ، لا يدعي لنفسه ما يدعيه له هؤلاء الضلال ؛ ونحوه قوله تعالى : أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه [الإسراء : 57 ] ، وكلهم متقلبون في ملكوته مقهورون بقهره وهو مهيمن عليهم محيط بهم ويحمل أمورهم وتفاصيلها وكيفيتهم وكميتهم ، لا يفوته شيء من أحوالهم ، وكل واحد منهم يأتيه يوم القيامة منفردا ليس معه من هؤلاء المشركين أحد وهم برآء منهم .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية