الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                الرحمن على العرش استوى له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى

                                                                                                                                                                                                قرئ : "الرحمن " : مجرورا صفة لمن خلق والرفع أحسن ؛ لأنه إما أن يكون رفعا على المدح على تقدير : هو الرحمن ، وإما : أن يكون مبتدأ مشارا بلامه إلى من خلق .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : الجملة التي هي على العرش استوى : ما محلها -إذا جررت الرحمن أو رفعته على المدح ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : إذا جررت فهي خبر مبتدأ محذوف لا غير ، وإن رفعت جاز أن تكون كذلك ، وأن تكون مع الرحمن خبرين للمبتدأ ؛ لما كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك مما يردف الملك ، جعلوه كناية عن الملك فقالوا : استوى فلان على العرش ، يريدون : ملك وإن لم يقعد على السرير البتة ، وقالوه أيضا- لشهرته في ذلك المعنى ومساواته بأملك في مؤداه وإن كان أشرح وأبسط وأدل على صورة الأم ؛ ونحوه قولك : يد فلان مبسوطة ، ويد فلان مغلولة ، بمعنى : أنه جواد أو بخيل ، لا فرق بين العبارتين إلا فيما قلت ، حتى أن من لم يبسط يده قط : بالنوال أو لم تكن له يد رأسا قيل فيه : يده مبسوطة لمساواته عندهم قولهم : هو جواد ؛ ومنه قول الله -عز وجل- وقالت اليهود يد الله مغلولة [المائدة : 64 ] ، أي هو بخيل ، بل يداه مبسوطتان أي : هو جواد ، من غير تصور يد ولا غل ولا بسط ، والتفسير بالنعمة والتمحل للتثنية من ضيق الطعن والمسافرة عن علم البيان مسيرة أعوام ، وما تحت الثرى : ما تحت سبع الأرضين ، عن محمد بن كعب وعن السدي : هو الصخرة التي تحت الأرض السابعة .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية