الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى

                                                                                                                                                                                                أي : لا يصدنك عن تصديقها ، والضمير : للقيامة ، ويجوز أن يكون للصلاة .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : العبارة لنهي من لا يؤمن عن صد موسى ، والمقصود نهي موسى عن التكذيب بالبعث أو أمره بالتصديق ، فكيف صلحت هذه العبارة لأداء هذا المقصود ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                أحدهما : أن صد الكافر عن التصديق بها سبب للتكذيب ، فذكر السبب ليدل على المسبب .

                                                                                                                                                                                                والثاني : أن صد الكافر مسبب عن رخاوة الرجل في الدين ولين شكيمته ، فذكر [ ص: 74 ] المسبب ليدل على السبب ؛ كقولهم : لا أرينك ها هنا ، المراد : نهيه عن مشاهدته والكون بحضرته ؛ وذلك سبب رؤيته إياه ، فكان ذكر المسبب دليلا على السبب ، كأنه قيل : فكن شديد الشكيمة صليب المعجم ، حتى لا يتلوح منك لمن يكفر بالبعث أنه يطمع في صدك عما أنت عليه ، يعني : أن من لا يؤمن بالآخرة هم الجم الغفير ؛ إذ لا شيء أطم على الكفرة ، ولا هم أشد له نكيرا من البعث ، فلا يهولنك وفور دهمائهم ولا عظم سوادهم ، ولا تجعل الكثرة مزلة قدمك ، واعلم أنهم وإن كثروا تلك الكثرة ، فقدوتهم فيما هم فيه هو الهوى واتباعه ، لا البرهان وتدبره ، وفي هذا حث عظيم على العمل بالدليل ، وزجر بليغ عن التقليد ، وإنذار بأن الهلاك والردى مع التقليد وأهله .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية