الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 76 ] قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى

                                                                                                                                                                                                لما رأى ذلك الأمر العجيب الهائل ، ملكه من الفزع والنفار ما يملك البشر عند الأهوال والمخاوف ، وعن ابن عباس : انقلبت ثعبانا ذكرا يبتلع الصخر والشجر ، فلما رآه يبتلع كل شيء خاف ونفر ، وعن بعضهم : إنما خافها ؛ لأنه عرف ما لقي آدم منها ، وقيل : لما قال له ربه : " لا تخف " : بلغ من ذهاب خوفه وطمأنينة نفسه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها ، السيرة من السير : كالركبة من الركوب ، يقال : سار فلان سيرة حسنة ، ثم اتسع فيها فنقلت إلى معنى المذهب والطريقة ، وقيل : سير الأولين ، فيجوز أن ينتصب على الظرف ، أي : سنعيدها في طريقتها الأولى ، أي : في حال ما كانت عصا ، وأن يكون "أعاد " : منقولا من "عاده " ، بمعنى : عاد إليه ، ومنه بيت زهير [من الوافر ] :


                                                                                                                                                                                                وعادك أن تلاقيها عداء



                                                                                                                                                                                                فيتعدى إلى مفعولين ، ووجه ثالث حسن : وهو أن يكون : "سنعيدها " : مستقلا بنفسه غير متعلق بسيرتها ، بمعنى : أنها أنشئت أول ما أنشئت عصا ، ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية ، فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشأناها أولا ، ونصب سيرتها بفعل مضمر ، أي : تسير سيرتها الأولى ، يعني : سنعيدها سائرة سيرتها الأولى ؛ حيث كنت تتوكأ عليها ولك فيها المآرب التي عرفتها .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية