الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 316 ] 386 - مالك بن أنس



              فمنهم إمام الحرمين ، المشهور في البلدين الحجاز والعراقين ، المستفيض مذهبه في المغربين والمشرقين ، مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه . كان أحد النبلاء وأكمل العقلاء ، ورث حديث الرسول ونشر في أمته علم الأحكام والأصول ، تحقق بالتقوى فابتلي بالبلوى .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا أبو بكر بن محمد بن أحمد بن راشد ، قال : سمعت أبا داود ، يقول : ضرب جعفر بن سليمان مالك بن أنس في طلاق المكره ، وحكى لي بعض أصحاب ابن وهب ، عن ابن وهب أن مالكا لما ضرب حلق وحمل على بعير فقيل له : ناد على نفسك قال : فقال : ألا من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي ، وأنا أقول طلاق المكره ليس بشيء ، قال : فبلغ جعفر بن سليمان أنه ينادي على نفسه بذلك ، فقال أدركوه أنزلوه .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن أحمد بن عمرو ، ثنا عبد الله بن أحمد بن كليب ، عن الفضل بن زياد القطان ، قال : سألت أحمد بن حنبل : من ضرب مالك بن أنس ؟ قال : ضربه بعض الولاة لا أدري من هو ، إنما ضربه في طلاق المكره ، كان لا يجيزه فضربه لذلك .

              حدثنا محمد بن علي بن عاصم ، قال : سمعت المفضل بن محمد الجندي ، يقول : سمعت أبا مصعب ، يقول : سمعت مالك بن أنس ، يقول : ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق

              الثقفي
              ، ثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي ، ثنا عبد الله بن يوسف ، عن خلف بن عمرو ، قال : سمعت مالك بن أنس ، يقول : ما أجبت في الفتيا حتى سألت من هو أعلم مني : هل يراني موضعا لذلك ؟ سألت ربيعة ، وسألت يحيى بن سعيد فأمراني بذلك ، فقلت له : يا أبا عبد الله فلو [ ص: 317 ] نهوك ؟ قال : كنت أنتهي ، لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلا لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه .

              قال خلف : دخلت على مالك فقال لي : انظر ما ترى تحت مصلاي أو حصيري ؟ فنظرت ، فإذا أنا بكتاب فقال : اقرأه فإذا فيه رؤيا رآها له بعض إخوانه ، فقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام في مسجده قد اجتمع الناس عليه ، فقال لهم : إني قد خبأت لكم تحت منبري طيبا أو علما ، وأمرت مالكا أن يفرقه على الناس ، فانصرف الناس وهم يقولون : إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بكى فقمت عنه .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، حدثني الجوهري ، حدثني إسحاق بن موسى الأنصاري ، قال : قال إسماعيل بن مزاحم المروزي - وكان من أصحاب ابن المبارك من العباد - قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، فقلت : يا رسول الله من نسأل بعدك ؟ قال : مالك بن أنس .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسين ، حدثني مطرف أبو صعب ، حدثني أبو عبد الله ، مولى الليثيين - وكان مختارا - قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد قاعدا ، والناس حوله ومالك قائم بين يديه ، وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسك ، وهو يأخذ منه قبضة قبضة فيدفعها إلى مالك ، ومالك ينشرها على الناس ، قال مطرف : فأولت ذلك العلم واتباع السنة .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن أحمد الزبيري ، ثنا محمد بن عاصم ، ثنا عبد العزيز بن أبان ، ثنا المثنى بن سعيد القصير ، قال : سمعت مالك بن أنس ، يقول : ما بت ليلة إلا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

              حدثنا محمد بن إبراهيم بن علي ، قال : سمعت محمد بن زبان بن حبيب ، يقول : سمعت محمد بن رمح التجيبي ، يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم ، فقلت : يا رسول الله قد اختلف علينا في مالك والليث ، فأيهما أعلم ؟ قال : مالك ورث حدي معناه أي علمي .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا جعفر الفريابي ، ثنا إسحاق بن موسى [ ص: 318 ] الأنصاري ، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن قريم الأنصاري ، قاضي المدينة ، قال : مر مالك بن أنس على ابن حازم وهو يحدث فجازه ، فقيل له ، فقال : إني لم أجد موضعا أجلس فيه ، فكرهت أن آخذ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قائم .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا الجوهري ، ثنا ابن أبي أويس ، قال : كان مالك إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على فراشه ، وسرح لحيته ، وتمكن في الجلوس بوقار وهيبة ، ثم حدث ، فقيل له في ذلك ، فقال : أحب أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحدث به إلا على طهارة متمكنا ، وكان يكره أن يحدث في الطريق وهو قائم أو يستعجل ، فقال : أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

              حدثنا محمد بن علي ، قال : سمعت المفضل بن محمد الجندي ، يقول : سمعت أبا مصعب ، يقول : كان مالك لا يحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو على الطهارة إجلالا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا جعفر بن محمد الفريابي ، ثنا إسحاق بن موسى الأنصاري ، قال : سمعت معن بن عيسى ، يقول : كان مالك بن أنس يتقي في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الباء والتاء ونحوهما .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن أحمد بن الوليد ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال الشافعي : إذا جاء الأثر كان مالك كالنجم ، وقال : مالك وسفيان القرينان .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو يحيى ، ومحمد بن أحمد ، قالا : ثنا أبو بكر الطرسوسي ، قال : سمعت نعيم بن حماد ، يقول : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : ما بقي على وجه الأرض أحد آمن على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من مالك بن أنس .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا زكريا الساجي ، ثنا أبو يونس المدني ، قال : أنشدني بعض أصحابنا من المدنيين في مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه :


              يدع الجواب فلا يراجع هيبة والسائلون نواكس الأذقان [ ص: 319 ]     أدب الوقار وعز سلطان التقى
              فهو المطاع وليس ذا سلطان



              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمود بن غيلان ، ثنا أبو داود الطيالسي ، ثنا - شعبة ، قال : أتيت المدينة بعد موت نافع بسنة فإذا الحلقة لمالك بن أنس .

              حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ، وإبراهيم بن عبد الله ، قالا : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت قتيبة بن سعيد ، يقول : قدمت المدينة ومالك حي ، فتقدمت إلى فامي ، فقلت : عندكم خل خمر ؟ فقال : يا سبحان الله ! في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قال : ثم قدمت المدينة بعد موت مالك فذكرت لهم فلم ينكروا علي .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا الحسن بن علي الطوسي ، ثنا أحمد بن يونس بن سيار الأنماطي ، ثنا خالد بن خداش ، قال : ودعت مالك بن أنس فقلت : أوصني يا أبا عبد الله قال : تقوى الله وطلب الحديث من عند أهله .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، ثنا ابن وهب ، قال : قال مالك : العلم نور يجعله الله حيث يشاء ، ليس بكثرة الرواية .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت الحسن بن عبد العزيز الجروي ، ثنا الحارث بن مسكين ، وعبد الله بن يوسف ، قالا : سئل مالك بن أنس عن الداء العضال ، فقال : الخبث في الدين .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن حسان الأزرق ، ثنا ابن مهدي ، عن رجل ، عن مالك بن أنس ، قال : بلغني أن العلماء يسألون يوم القيامة عما يسأل عنه الأنبياء .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا الحسن بن عبد العزيز ، ثنا الحارث بن مسكين ، عن ابن وهب ، قال : قيل لمالك بن أنس : ما تقول في طلب العلم ؟ قال :حسن ، جميل ولكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسي فالزمه .

              [ ص: 320 ] حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت أبا يحيى ، يقول : سمعت ابن قعنب ، يقول : سمعت مالك بن أنس ، يقول : قال رجل : ما كنت لاعبا فلا تلعبن بدينك .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت الحسن بن عبد العزيز الجروي ، يقول : حدثني الحارث بن مسكين ، عن ابن وهب ، قال : سئل مالك بن أنس عن الرجل يدعو يقول : يا سيدي ؟ فقال : يعجبني أن يدعو بدعاء الأنبياء ؛ ربنا ربنا .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، قال : سمعت مالك بن أنس ، يقول : قال عيسى ابن مريم عليهما السلام : تأتي أمة محمد صلى الله عليه وسلم علماء حكماء كأنهم من الفقه أنبياء ، قال مالك : أراهم صدر هذه الأمة .

              قال مالك : وحق على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية ، والعلم حسن لمن رزق خيره ؟ وهو قسم من الله فلا تمكن الناس من نفسك ، فإن من سعادة المرء أن يوفق للخير ، وإن من شقوة المرء أن لا يزال يخطئ ، وذل وإهانة للعلم أن يتكلم الرجل بالعلم عند من لا يطيعه .

              قال مالك : وبلغني أن لقمان قال لابنه : يا بني ليس غناء كصحة ، ولا نعيم كطيب نفس .

              وقال مالك : قال لقمان لابنه : يا بني إن الناس قد تطاول عليهم ما يوعدون ، وهم إلى الآخرة سراع يذهبون ، وإنك قد استدبرت الدنيا منذ كنت ، واستقبلت الآخرة وإن دارا تسير إليها أقرب إليك من دار تخرج منها .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن يحيى بن منده ، ثنا عباس بن عبد العظيم ، قال : سمعت القعنبي ، يقول : سمعت مالك بن أنس ، يقول : كان الرجل يختلف إلى الرجل ثلاثين سنة يتعلم منه .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن الحسين بن مكرم ، قال : سمعت مجاهد بن موسى ، يقول : سمعت نافع بن عبد الله ، يقول : جالست مالكا أربعين سنة أو خمسا وثلاثين سنة - كل يوم أبكر وأهجر وأروح ما سمعته يقرأ على [ ص: 321 ] إنسان شيئا قط .

              وسمعت معن بن عيسى ، يقول : ما من حديث أحدث به عن مالك إلا وقد سمعته منه نحوا أو أكثر من ثلاثين مرة .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أبو علي بن إبراهيم ، ثنا إسماعيل بن إسحاق ، ثنا الفروي ، قال : سمعت مالكا ، يقول : إذا لم يكن للإنسان في نفسه خير لم يكن للناس فيه خير .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، أنبأنا محمد بن أحمد الزهري ، ثنا محمد بن عيسى الطرسوسي ، ثنا إبراهيم الحزامي ، ثنا مطرف ، قال : قال لي مالك : ما يقول الناس في ؟ قلت : أما الصديق فيثني وأما العدو فيقع ، قال : ما زال الناس كذا لهم صديق وعدو ، ولكن نعوذ بالله من تتابع الألسنة كلها .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي ، ثنا الحارث بن مسكين ، قال : كان عبد الرحمن بن القاسم يقول : إنما أقتدي في ديني برجلين : مالك بن أنس في علمه ، وسليمان بن القاسم في ورعه .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت الفضل بن سهل ، يقول : سمعت القواريري ، يقول : كنا عند حماد بن زيد ، وجاءه نعي مالك بن أنس ، فقال : رحم الله أبا عبد الله ، كان من الدين بمكان .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ، ثنا الحسن بن عمر بن يزيد ، قال : سمعت القعنبي ، يقول : أتينا سفيان بن عيينة ، فرأيته حزينا فقيل : بلغه موت مالك بن أنس رحمه الله ، ثم قال سفيان : ما ترك على الأرض مثله .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن أحمد بن يزيد ، ثنا علي بن رستم ، قال : سمعت عبد الرحمن بن عمر ، يقول : قال يحيى بن سعيد القطان : ما أقدم على مالك في زمانه أحدا .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن معدان ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : سمعت عمي ، يقول : سمعت مالك بن أنس ، يقول : إن عندي لأحاديث ما حدثت بها قط ، ولا سمعت مني ، ولا أحدث بها حتى أموت .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا أحمد بن خالد ، [ ص: 322 ] قال : قال الشافعي : قيل لمالك : عند ابن عيينة أحاديث عن الزهري ليست عندك ، قال : وأنا أحدث عن الزهري بكل ما سمعت ! إذا أريد أن أضلهم .

              حدثنا أحمد - هو ابن جعفر - ثنا أحمد بن علي ، ثنا أحمد - هو ابن هاشم - ثنا ضمرة ، قال : سمعت مالكا ، يقول : لو كان لي سلطان على من يفسر القرآن لضربت رأسه .

              حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن علي ، ثنا أبو عمار ، قال : سألت أحمد بن حنبل عن كتاب مالك بن أنس ، فقال : ما أحسنه لمن تدين به !

              حدثنا الحسن بن سعيد بن جعفر البصري ، قال : سمعت محمد بن الربيع بن سليمان ، يقول : سمعت الشافعي رضي الله تعالى عنه ، يقول : إذا جاء الحديث عن مالك فاشدد يديك به .

              حدثنا الحسن بن سعيد ، قال : سمعت محمد بن الربيع ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : كان مالك إذا شك في الحديث طرحه كله .

              حدثنا الحسن بن سعيد ، قال : سمعت محمد بن الربيع ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز .

              حدثنا محمد بن علي بن عاصم ، ثنا أحمد بن علي بن أبي الصغير المصري ، حدثني إسحاق بن إبراهيم الكناس ، ثنا حرملة ، عن ابن وهب ، عن سفيان بن عيينة ، قال : كان مالك لا يأخذ الحديث إلا من جيده .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا أحمد بن علي ، ثنا محمد بن عمرو بن نافع ، ثنا نعيم ، قال : سمعت ابن مهدي ، يقول : ما أقدم على مالك في صحة الحديث أحدا .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث الجوهري ، ثنا علي بن عبد الله ، ثنا سفيان ، قال : كان مالك ينتقي الرجال ولا يحدث عن كل أحد .

              قال علي : ومالك أمان فيمن حدث عنه من الرجال ، كان مالك يقول : لا يؤخذ العلم إلا عن من يعرف ما يقول .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، حدثني أبو يونس ، حدثني إسحاق ، قال : سمعت مالك بن أنس ، يقول : سمعت من ابن شهاب أحاديث لم أحدث بها إلى اليوم ، قلت : لم يا أبا عبد الله ؟ قال :لم يكن العمل عليها فتركتها .

              [ ص: 323 ] حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن شيرويه ، ثنا مطرف المديني ، قال : قال مالك بن أنس : أويكتب عن مثل عطاف بن خلد ؟ لقد أدركت في هذا المسجد سبعين شيخا - أو نحوه - فما كتبت عنهم حديثا ، إنما يكتب عن أهله ، قوم جرى فيهم الحديث مثل عبيد الله بن عمرو وأشباهه .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن أحمد بن معدان ، قال : سمعت أبا العباس عبد الله بن محمد الغزي ، يقول : سمعت حبيب بن زريق ، يقول : قلت لمالك بن أنس : لم تكتب عن صالح مولى التوأمة وحزام بن عثمان وعمر مولى غفرة ؟ قال : أدركت سبعين تابعيا في هذا المسجد ما أخذت العلم إلا عن الثقات المأمونين .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي ، ثنا أبو حفص التنيسي ، عن ابن وهب ، قال : لو شئت أن أملأ ألواحي من قول مالك بن أنس : لا أدري ، فعلت .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت أبا يحيى ، يقول : سمعت علي بن عبد الله ، يقول : حدثني عبد الرحمن بن مهدي ، قال : رأيت رجلا جاء إلى مالك بن أنس يسأله عن شيء أياما ما يجيبه ، فقال : يا أبا عبد الله إني أريد الخروج ، قال : فأطرق طويلا ، ثم رفع رأسه ، وقال : ما شاء الله يا هذا ! إني إنما أتكلم فيما أحتسب فيه الخير ، وليس أحسن مسألتك هذه .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن أحمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن كليب ، حدثني أبو طالب ، عن أبي عبد الله ، قال : سمعت ابن مهدي ، يقول : سأل رجل مالكا عن مسألة ، فقال : لا أحسنها ، فقال الرجل : إني ضربت إليك من كذا وكذا لأسألك عنها ، فقال له مالك : فإذا رجعت إلى مكانك وموضعك فأخبرهم أني قد قلت لك إني لا أحسنها .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا موسى بن هارون ، ثنا نصر بن داود بن طوق ، قال : سمعت سعيد بن سليمان ، يقول : قلما سمعت مالكا يفتي بشيء إلا تلا هذه الآية : ( إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين ) .

              [ ص: 324 ] حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا الحسن بن عبد العزيز ، ثنا الحارث بن مسكين ، عن عمرو بن يزيد - شيخ من أهل مصر - صديق لمالك بن أنس ، قال : قلت لمالك : يا أبا عبد الله ، يأتيك ناس من بلدان شتى قد أنضوا مطاياهم ، وأنفقوا نفقاتهم ، يسألونك عما جعل الله عندك من العلم ، تقول : لا أدري ! فقال : يا عبد الله ، يأتيني الشامي من شامه ، والعراقي من عراقه ، والمصري من مصره ، فيسألونني عن الشيء لعلي أن يبدو لي فيه غير ما أجيب به ، فأين أجدهم ؟ قال عمرو : فأخبرت الليث بن سعد بقول مالك .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا جعفر بن محمد الفريابي ، ثنا الحسن بن علي الحلواني - بطرسوس سنة ثلاث وثلاثين ومائتين - قال :سمعت مطرف بن عبد الله يقول : سمعت مالك بن أنس إذا ذكر عنده أبو حنيفة والزائغون في الدين يقول : قال عمر بن عبد العزيز : سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سننا الأخذ بها اتباع لكتاب الله ، واستكمال لطاعة الله ، وقوة على دين الله ، ليس لأحد من الخلق تغييرها ولا تبديلها ، ولا النظر في شيء خالفها ، من اهتدى بها فهو مهتد ، ومن استنصر بها فهو منصور ، ومن تركها اتبع غير سبيل المؤمنين ، وولاه الله ما تولى ، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا .

              حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا جعفر بن محمد الفريابي ، ثنا الحسن بن علي الحلواني ، قال : سمعت إسحاق بن عيسى ، يقول : قال مالك بن أنس : كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن علي بن أبي الصغير ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، ثنا ابن وهب ، قال : سمعت مالكا ، يقول : إن حقا على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية ، وأن يكون متبعا لأثر من مضى قبله .

              حدثنا الحسن بن سعيد بن جعفر ، ثنا زكريا بن يحيى الساجي ، ثنا أبو داود ، ثنا أبو ثور ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال : أما أنا على بينة من ربي وديني ، وأما أنت فشاك إلى شاك مثلك فخاصمه .

              وكان يقول : لست أرى لأحد يسب أصحاب النبي صلى الله عليه [ ص: 325 ] وسلم في الفيء سهما .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني منصور بن أبي مزاحم ، قال : سمعت مالك بن أنس - وذكر أبو حنيفة - فقال : كاد الدين ومن كاد الدين فليس من أهله .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر ، عن الوليد بن مسلم ، قال : قال لي مالك بن أنس : يذكر أبو حنيفة ببلدكم ؟ قلت : نعم ، قال : ما ينبغي لبلدكم أن تسكن .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا الحسن بن إسحاق التستري ، ثنا يحيى بن خلف بن الربيع الطرسوسي - وكان من ثقات المسلمين وعبادهم - قال : كنت عند مالك بن أنس ودخل عليه رجل ، فقال : يا أبا عبد الله ، ما تقول فيمن يقول : القرآن مخلوق ؟ فقال مالك : زنديق اقتلوه ، فقال : يا أبا عبد الله ، إنما أحكي كلاما سمعته ، فقال : لم أسمعه من أحد ، إنما سمعته منك ، وعظم هذا القول .

              حدثنا محمد بن سليمان بن إبراهيم الهاشمي ، قال : سمعت أبا همام البكراوي ، يقول : سمعت أبا مصعب ، يقول : سمعت مالك بن أنس ، يقول : القرآن كلام الله غير مخلوق .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، حدثني أحمد بن محمد بن أبي بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر ، ثنا ابن أبي أويس ، قال : سمعت مالك بن أنس ، يقول : القرآن كلام الله ، وكلام الله من الله ، وليس من الله شيء مخلوق .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، ثنا يحيى بن عبد الباقي ، قال : سمعت النضر بن سلمة بن شاذان ، يقول : ثنا عبد الله بن نافع ، قال : سمعت مالكا ، يقول : لو أن رجلا ركب الكبائر كلها بعد أن لا يشرك بالله ، ثم تخلى من هذه الأهواء والبدع - وذكر كلاما - دخل الجنة .

              حدثنا محمد بن علي بن مسلم العقيلي ، ثنا القاضي أبو أمية الغلابي ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا مهدي بن جعفر ، ثنا جعفر بن عبد الله ، قال : كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل ، فقال : يا أبا عبد الله ، ( الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى ؟ [ ص: 326 ] فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته ، فنظر إلى الأرض ، وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرحضاء - يعني العرق - ثم رفع رأسه ، ورمى بالعود ، وقال : الكيف منه غير معقول ، والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وأظنك صاحب بدعة ، وأمر به فأخرج .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا الحسن بن عبد العزيز ، قال : سمعت أبا حفص ، يقول : سمعت مالك بن أنس ، يقول ، ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) : قوم يقولون إلى ثوابه . قال مالك : كذبوا فأين هم عن قول الله تعالى : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا ابن أبي داود ، ثنا أحمد بن صالح ، ثنا عبد الله بن وهب ، قال : قال مالك بن أنس : الناس ينظرون الله عز وجل يوم القيامة بأعينهم .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا يونس ، ثنا ابن وهب ، قال : سمعت مالكا يقول لرجل : سألتني أمس عن القدر ؟ قال : نعم ، قال : إن الله تعالى يقول : ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) ، فلا بد من أن يكون ما قال الله تعالى .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ، قال : سمعت سعيد بن عبد الجبار ، يقول : سمعت مالك بن أنس ، يقول : رأيي فيهم أن يستتابوا ، فإن تابوا وإلا قتلوا - يعني القدرية .

              حدثنا الحسن بن سعيد بن جعفر ، ثنا زكريا الساجي ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا مروان بن محمد ، قال : سئل مالك بن أنس عن تزويج القدري ، فقرأ : ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت عثمان بن صالح ، وأحمد بن سعيد الدارمي ، قالا : ثنا عثمان ، قال : جاء رجل إلى مالك وسأله عن مسألة ، قال : فقال له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ، فقال الرجل : أرأيت ؟ قال مالك : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، ثنا الحسن [ ص: 327 ] بن عبد الله بن منصور ، ثنا الحنيني ، قال : قال مالك بن أنس : إياكم وأصحاب الرأي ؛ فإنهم أعداء أهل السنة .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا جعفر بن محمد الصائغ ، ثنا سريج بن النعمان ، ثنا عبد الله بن نافع ، قال : كان مالك يقول : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا سوار بن عبد الله العنبري ، ثنا أبي ، قال : قال مالك بن أنس : من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو كان في قلبه عليهم غل ، فليس له حق في فيء المسلمين ، ثم تلا قوله تعالى : ( ما أفاء الله على رسوله ) حتى أتى قوله : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا ) الآية ، فمن تنقصهم أو كان في قلبه عليهم غل فليس له في الفيء حق .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا رسته أبو عروة - رجل من ولد الزبير - قال : كنا عند مالك ، فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ مالك هذه الآية : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء ) حتى بلغ : ( يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ) ، فقال مالك : من أصبح في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته الآية .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، سمعت محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ، قال : سمعت وكيعا ، يقول : سمعت مالك بن أنس ، يقول : واعجبا يسأل جعفر ، وأبو جعفر عن أبي بكر ، وعمر ، رضي الله تعالى عنهما !

              حدثنا أبو بكر الآجري ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الحميد ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، ثنا يحيى بن بكير ، حدثني عبد الله بن وهب ، حدثني مالك بن أنس ، قال : إن راهبا كان بالشام ، فلما رأى أوائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين قدموا الشام ونظراؤه ، وقال : والذي نفسي بيده ما بلغ حواريو عيسى ابن مريم عليهما السلام الذين صلبوا على الخشب ونشروا بالمناشير من الاجتهاد ما بلغ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . قال عبد الله بن وهب : قلت لمالك بن أنس : تسميهم ؟ فسمى أبا عبيدة ، ومعاذا ، وبلالا ، وسعد بن عبادة .

              [ ص: 328 ] حدثنا أبو بكر الآجري ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الحميد ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، ثنا الحارث بن مسكين ، ثنا عبد الله بن وهب ، قال : سمعت مالك بن أنس ، يحدث أن صالح بن علي حين قدم الشام سأل عن قبر عمر بن عبد العزيز ، فلم يجد أحدا يخبره حتى دل على راهب ، فأتي فسئل عنه ، فقال : أقبر الصديق تريدون ؟ هو في تلك المزرعة .

              حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا محمد بن غالب ، ثنا القعنبي ، عن مالك ، أنه بلغه أن عيسى عليه السلام ، كان يقول : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو قلوبكم ؛ فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون ، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب ، ولكن انظروا فيها كأنكم عبيد ، فإنما الناس رجلان : مبتلى ، ومعافى ، فارحموا أهل البلاء ، واحمدوا الله على العافية .

              حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا محمد بن خالد ، ثنا القعنبي ، عن مالك ، أنه بلغه أن عيسى عليه السلام كان يقول : يا بني إسرائيل ، عليكم بالماء القراح ، والبقل البري ، وخبز الشعير ، وإياكم وخبز البر ؛ فإنكم لن تقوموا بشكره .

              حدثنا أبو بكر ، ثنا محمد ، ثنا القعنبي ، عن مالك ، أنه بلغه أن لقمان الحكيم قيل له : ما بلغ بك ما نرى ؟ قال : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وتركي ما لا يعنيني .

              حدثنا أبو بكر ، ثنا محمد ، ثنا القعنبي ، عن مالك ، أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال : إني لأحب النظر إلى القارئ أبيض الثياب .

              حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان ، ثنا إسماعيل القاضي ، ثنا إسماعيل بن أبي أويس ، ثنا مالك بن أنس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : قال - عمر بن الخطاب : تعلمون أيها الناس أن اليأس هو الغنى ، وأنه من يئس من شيء استغنى عنه .

              حدثنا الحسن بن محمد ، ثنا إسماعيل القاضي ، ثنا إسماعيل بن أبي أويس ، ثنا مالك ، حدثني من أرضى ، أن عمر بن الخطاب أوصى رجلا ، فقال : لا تعترض فيما لا يعنيك ، واجتنب عدوك ، واحذر خليلك ، ولا أمير من القوم إلا من خشي الله ، والأمين من القوم لا تعدل به شيئا ، ولا تصحبن فاجرا كي تعلم من فجوره ، ولا تفش إليه [ ص: 329 ] سرك ، واستشر في أمرك الذين يخشون الله .

              حدثنا الحسن بن محمد ، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، ثنا إسماعيل بن أبي أويس ، ثنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، أن امرأة كانت عندها عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها ، ومعها نسوة ، فقالت امرأة منهن : والله لأدخلن الجنة ؛ لقد أسلمت ، وما زنيت ، وما سرقت ، فأتيت في المنام فقيل لها : أنت المتألية لتدخلن الجنة ، كيف وأنت تبخلين بما لا يغنيك ، وتكلمين فيما لا يعنيك ؟ قال : فلما أصبحت المرأة دخلت على عائشة رضي الله تعالى عنها ، فأخبرتها بما رأت ، فقالت : اجمعي النسوة اللاتي كن عندك حين قلت ما قلت ، فأرسلت إليهن ، فجئن ، فحدثتهن بما رأت في المنام .

              حدثنا أبو زرعة محمد بن إبراهيم بن عبد الله الإستراباذي ، ثنا محمد بن قارون ، ثنا أبو حاتم ، ثنا عبد العزيز بن عبد الله ، قال : كان نقش خاتم مالك بن أنس : حسبنا الله ونعم الوكيل ، فقيل له في ذلك ، فقال : ( وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ) .

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهل ، ثنا محمد بن يحيى بن آدم الجوهري ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : قال لي محمد بن الحسن : صاحبنا أعلم أم صاحبكم ؟ قلت : تريد المكابرة أو الإنصاف ؟ فقال : بل الإنصاف ، قلت : فما الحجة عندكم ؟ قال : الكتاب والسنة والإجماع والقياس ، قال : قلت : أنشدك بالله ، أصاحبنا أعلم بكتاب الله أم صاحبكم ؟ قال : صاحبكم ، قلت : فصاحبكم أعلم بأقاويل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم صاحبنا ؟ قال : فقال : صاحبكم ، قلت : فبقي شيء غير القياس ؟ قال : لا ، قلت : فنحن ندعي القياس أكثر مما تدعون أنتم ، وإنما القياس على الأصول يعرف القياس . قال : ويريد بصاحبه مالك بن أنس رحمه الله .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ومحمد بن عبد الرحمن ، قالا : ثنا محمد بن زبان بن حبيب ، قال : سمعت الربيع بن سليمان ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : ما بعد كتاب الله تعالى كتاب أكثر صوابا من موطأ مالك .

              [ ص: 330 ] حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد ، ثنا أبو بكر بن آدم الجوهري ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : قال محمد بن الحسن : أقمت على مالك بن أنس ثلاث سنين وكسرا ، وكان يقول : إنه سمع منه لفظا أكثر من سبعمائة حديث ، قال : وكان إذا حدثهم عن مالك امتلأ منزله ، وكثر الناس عليه حتى يضيق عليهم الموضع ، وإذا حدث عن غير مالك لم يجئه إلا اليسير ، فكان يقول : ما أعلم أحدا أسوأ ثناء على أصحابكم منكم ، إذا حدثتكم عن مالك ملأتم علي الموضع ، وإذا حدثتكم عن أصحابكم إنما تأتوني متكارهين .

              حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد ، ثنا موسى بن هارون بن مخلد ، ثنا عبد الله بن محمد بن محمد اليزدي ، ثنا أبو يعقوب بن سهيل الأسيوطي ، قال : سمعت ابن أبي ركين ، يقول : سمعت محمد بن إدريس الشافعي ، يقول : قالت لي عمتي - ونحن بمكة - : رأيت في هذه الليلة عجبا ، فقلت لها : وما هو ؟ قالت : رأيت كأن قائلا يقول : مات الليلة أعلم أهل الأرض ، قال الشافعي : فحسبنا ذلك ، فإذا هو يوم مات مالك بن أنس .

              حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهل ، ثنا محمد بن يحيى بن آدم ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي ، يقول : - وذكر رجل لمالك بن أنس حديثا - فقال له مالك : من حدثك ؟ فذكر له إسنادا منقطعا ، فقال له مالك : اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد ، يحدثك عن أبيه ، عن نوح .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا علي بن أحمد بن سليمان ، ثنا ابن أبي مريم ، ثنا خالد - يعني ابن نزار - قال : سمعت مالك بن أنس ، يقول لفتى من قريش : يا ابن أخي ، تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا أبو إسماعيل الترمذي ، ثنا نعيم بن حماد ، قال : سمعت ابن المبارك ، يقول : ما رأيت رجلا ارتفع مثل مالك بن أنس ، ليس له كثير صلاة ولا صيام إلا أن تكون له سريرة .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا أحمد بن سنان ، قال : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : ما قرأت على مالك أثبت في نفسي مما سمعت منه ، وقلت لمالك يوما - وأردت أن أرققه على نفسي في مسجد [ ص: 331 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم - : يا أبا عبد الله ، قد غبت عن أهلي ما أدري ما حدث عليهم بعدي ، قال : فتبسم ثم قال : وأنا قد غبت عن أهلي ، هو ذا هم في الدار لا أدري ما حدث عليهم .

              حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا إبراهيم بن سعيد ، ثنا سعد بن عبد الحميد ، عن مالك بن أنس ، قال : ليس شيء أشبه بثمار الجنة من الموز ، لا تطلبه في شتاء ولا صيف إلا وجدته ، وقرأ : ( أكلها دائم ) .

              حدثنا أبو علي الحسين بن محمد بن العباس الفقيه الأيلي ، ثنا أبو نعيم بن عبدي في كتابه ، ثنا العباس بن الوليد البيروتي ، ثنا أبو خليد ، قال : أقمت على مالك ، فقرأت الموطأ في أربعة أيام ، فقال مالك : علم جمعه شيخ في ستين سنة أخذتموه في أربعة أيام ! لا فقهتم أبدا .

              حدثنا الحسين بن محمد بن العباس ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، ثنا ابن وهب ، عن مالك ، قال : لا يبلغ أحد ما يريد من هذا العلم حتى يضربه الفقر ويؤثره على كل حاجة .

              حدثنا أحمد بن عبيد الله بن محمود ، قال : سمعت أبا أحمد عبيد الله بن محمد الفقيه الفقير يقول : سمعت عبد الله بن محمد بن علي القاضي - بالدينور - يقول : سمعت أبا زرعة الدمشقي ، يقول : سمعت أبا مسهر ، يقول : سأل المأمون مالك بن أنس : هل لك دار ؟ فقال : لا ، فأعطاه ثلاثة آلاف دينار وقال : اشتر لك بها دارا ، قال : ثم أراد المأمون الشخوص وقال لمالك : تعال معنا فإني عزمت أن أحمل الناس على الموطأ كما حمل عثمان الناس على القرآن ، فقال له : ما لك إلى ذلك سبيل ، وذلك أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم افترقوا بعده في الأمصار ، فحدثوا ، فعند كل أهل مصر علم ، ولا سبيل إلى الخروج معك ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون " ، وقال : " المدينة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد " ، وهذه دنانيركم ، فإن شئتم فخذوه ، وإن شئتم فدعوه .

              حدثنا أحمد بن عبيد الله ، قال : سمعت أبا أحمد القاضي ، يقول : سمعت أبا حاتم [ ص: 332 ] الرازي ، يقول : سمعت أحمد بن سنان الواسطي ، يقول : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : سفيان الثوري إمام في الحديث ، وليس بإمام في السنة ، والأوزاعي إمام في السنة وليس بإمام في الحديث ، ومالك إمام فيهما جميعا .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، إملاء ، ثنا المقدام بن داود ، ثنا عبد الله بن عبد الحكم ، قال : سمعت مالك بن أنس ، يقول : شاورني هارون الرشيد في ثلاث : في أن يعلق الموطأ في الكعبة ويحمل الناس على ما فيه ، وفي أن ينقض منبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ويجعله من جوهر وذهب وفضة ، وفي أن يقدم نافع بن أبي نعيم إماما يصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، أما تعليق الموطأ في الكعبة فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في الفروع ، وتفرقوا في الآفاق ، وكل عند نفسه مصيب ، وأما نقض منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم واتخاذك إياه من جوهر وذهب وفضة ، فلا أرى أن تحرم الناس أثر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما تقدمتك نافعا إماما يصلي بالناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن نافعا إمام في القراءة ، لا يؤمن أن تندر منه نادرة في المحراب فتحفظ عليه ، قال : وفقك الله يا أبا عبد الله .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية