الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 248 ] باب ذكر جماعة كانوا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      مشهورين في زمن الجاهلية


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      خبر خالد بن سنان العبسي الذي كان في زمن الفترة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد زعم بعضهم أنه كان نبيا . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن زهير التستري حدثنا يحيى بن المعلى بن منصور الرازي حدثنا محمد بن الصلت حدثنا قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال جاءت بنت خالد بن سنان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها ثوبه ، وقال : بنت نبي ضيعه قومه وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار عن يحيى بن المعلى بن منصور عن محمد بن الصلت عن قيس عن سالم عن سعيد عن ابن عباس قال ذكر خالد بن سنان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ذاك نبي ضيعه قومه ثم قال ولا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وكان قيس بن الربيع ثقة في نفسه ، [ ص: 249 ] إلا أنه كان رديء الحفظ وكان له ابن يدخل في أحاديثه ما ليس منها . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال البزار وقد رواه الثوري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير مرسلا ، وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا المعلى بن مهدي الموصلي : قال حدثنا أبو عوانة عن أبي يونس عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا من عبس يقال له : خالد بن سنان قال لقومه : أنا أطفئ عنكم نار الحدثان . فقال له رجل من قومه : والله يا خالد ما قلت لنا قط إلا حقا فما شأنك ، وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها ؟ فخرج خالد ومعه أناس من قومه فيهم عمارة بن زياد فأتوها فاذا هي تخرج من شق جبل فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها فقال : إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا فاستقبلها خالد فجعل يضربها [ ص: 250 ] بعصاه وهو يقول : بدا بدا كل هدى زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثيابي تندى حتى دخل معها الشق فأبطأ عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فقال لهم عمارة بن زياد : والله إن صاحبكم لو كان حيا لقد خرج إليكم بعد . قالوا : فادعوه باسمه قال : فقالوا : إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه . فدعوه باسمه فخرج وهو آخذ برأسه فقال : ألم أنهكم أن تدعوني باسمي فقد والله قتلتموني فادفنوني فاذا مرت بكم الحمر فيها حمار أبتر فانبشوني فإنكم تجدوني حيا فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقلنا : انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه فقال لهم عمارة : لا تنبشوه ، لا والله لا تحدث مضر أنا ننبش موتانا ، وقد كان قال لهم خالد : إن في عكم امرأته لوحين فإن أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم ستجدون ما تسألون عنه قال : ولا يمسهما حائض فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما إليهم ، وهي حائض فذهب ما كان فيهما من علم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو يونس : قال سماك بن حرب سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ذاك نبي أضاعه قومه قال أبو يونس : قال سماك بن حرب إن ابن خالد بن سنان أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : مرحبا بابن أخي [ ص: 251 ] فهذا السياق موقوف على ابن عباس ، وليس فيه أنه كان نبيا والمرسلات التي فيها أنه نبي لا يحتج بها هاهنا والأشبه أنه كان رجلا صالحا له أحوال وكرامات فإنه إن كان في زمن الفترة فقد ثبت في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن أولى الناس بعيسى ابن مريم أنا ; لأنه ليس بيني وبينه نبي وإن كان قبلها فلا يمكن أن يكون نبيا لأن الله تعالى قال لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك القصص : 46 ] وقد قال غير واحد من العلماء : إن الله تعالى لم يبعث بعد إسماعيل نبيا في العرب ، إلا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ، الذي دعا به ابراهيم الخليل باني الكعبة المكرمة التي جعلها الله قبلة لأهل الأرض شرعا ، وبشرت به الأنبياء لقومهم حتى كان آخر من بشر به عيسى ابن مريم عليه السلام ، وبهذا المسلك بعينه يرد ما ذكره السهيلي وغيره من إرسال نبي من العرب يقال له : شعيب بن ذي مهذم بن شعيب بن صفوان صاحب مدين ، وبعث إلى العرب أيضا حنظلة بن صفوان فكذبوهما فسلط الله على العرب بختنصر فنال منهم من القتل والسبي نحو ما نال من بني إسرائيل ، وذلك في زمن معد بن عدنان والظاهر أن هؤلاء كانوا قوما صالحين يدعون إلى الخير . والله أعلم . وقد تقدم ذكر عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف في أخبار خزاعة بعد جرهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية