الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          هود وقومه

                                                          قال الله تعالى:

                                                          وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف [ ص: 3716 ] ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود

                                                          * * *

                                                          وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون

                                                          نجد الدعوة إلى التوحيد كما دعيت إليه قريش، وناوءوا هودا كما ناوءت قريش، وصابرهم كما يصابرهم، ولما أصروا على الشرك والإيذاء أنزل الله عليهم ما دمرهم.

                                                          ناداهم هود بما يقربهم إليه يا قوم اعبدوا الله أي: اعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا ووضح ذلك بقوله: ما لكم من إله غيره أي: ما لكم أي إله غيره فكلمة (من) لاستغراق النفي وشموله; لأن الألوهية تقتضي الانفراد بالخلق والتدبير، وأن يكون المعبود واحدا في ذاته وصفاته ليس كمثله شيء، وقد كانوا يعرفون ذلك، فكيف يكون غيره، ولكنهم فعلوا غير المعقول وغير ما يوجبه العقل السليم، ولذا قال: إن أنتم إلا مفترون وكلمة (إن) نافية ثم جاء بعدها الإثبات بكلمة (إلا) أي: أنتم مقصورون على الافتراء والكذب المقصود بعبادتكم أوثانا لا تضر ولا تنفع ولا تتكلم ولا تتحرك. [ ص: 3717 ]

                                                          وإنه في هذه الدعوة لا يريد مالا ولا سلطانا أو جاها يكون أجرا على دعوته ولذا قال تعالى عن هود:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية