الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      الرجل يحلف بالله كاذبا قال ابن القاسم : قلت لمالك إن حلف فقال : والله ما لقيت فلانا أمس . ولا يقين له في لقيه وليس في معرفته حين حلف أنه لقيه بالأمس أو لم يلقه ثم فكر بعد في يمينه فعلم أنه لقيه بالأمس أتكون عليه كفارة اليمين في قول مالك : قال : قال مالك : ليس عليه كفارة اليمين في هذا .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم ؟ وهذا قد أيقن أنه لقيه وقد حلف أنه لم يلقه ولم يحلف حين حلف على أمر ظنه ، إنما حلف بيمينه التي حلف بها على غير يقين كان في نفسه ؟ فقال : هذه اليمين التي تصف أعظم من أن يكون فيها كفارة أو يكفرها كفارة عند مالك ، لأن هذه اليمين لا يكون فيها لغو اليمين لأنه لم يحلف على أمر يظنه كذلك فينكشف على غير ذلك فيكون ذلك لغو اليمين وإنما حلف هذا بهذه اليمين جرأة وتفخما على اليمين على غير يقين منه لشيء فهو إن انكشفت له يمينه أنه كما حلف بها بر ، وإن انكشفت يمينه أنه على غير ما حلف به فهو آثم ، ولم يكن لغو اليمين فكان بمنزلة من حلف عامدا للكذب فليستغفر الله فإن هذه اليمين أعظم من أن يكون فيها كفارة أو يكفرها شيء ، وقد { قال رسول الله عليه السلام : من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة } .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وقال ابن عباس في هذه الآية { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة } ، فهذه اليمين في الكذب واقتطاع الحقوق ، فهي أعظم من أن يكون فيها كفارة .

                                                                                                                                                                                      قال ابن مهدي عن العوام بن حوشب عن إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفى في رجل حلف على سلعة فقال : والله لقد أعطى بها كذا وكذا ولم يعط فنزلت هذه الآية : { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية