الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2359 باب في دخول الكعبة ، والصلاة فيها، والدعاء

                                                                                                                              وقال النووي : (باب: استحباب دخول الكعبة للحاج، وغيره، والصلاة فيها، والدعاء في نواحيها كلها).

                                                                                                                              وزاد في (المنتقى): (والتبرك بها).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 84 ج 9 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن نافع، ، عن ابن عمر. قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح. فنزل بفناء الكعبة. وأرسل إلى عثمان بن طلحة، فجاء بالمفتح. ففتح الباب. قال: ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم، وبلال ، وأسامة بن زيد، وعثمان بن طلحة. وأمر بالباب فأغلق. فلبثوا فيه مليا. ثم فتح الباب. فقال عبد الله: فبادرت الناس. فتلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا. وبلال على إثره. فقلت لبلال: هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قلت: أين؟ قال: بين العمودين. تلقاء وجهه.

                                                                                                                              قال: ونسيت أن أسأله: كم صلى؟
                                                                                                                              ].

                                                                                                                              [ ص: 413 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 413 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن ابن عمر) رضي الله عنهما، (قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح. فنزل بفناء الكعبة ) . بكسر الفاء وبالمد: جانبها وحريمها.

                                                                                                                              (وأرسل إلى عثمان بن طلحة ، فجاءه بالمفتح) بكسر الميم. وفي الرواية الأخرى: (المفتاح). قال النووي : وهما لغتان.

                                                                                                                              (ففتح الباب. قال: ثم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم -، وبلال ، وأسامة بن زيد ، وعثمان بن طلحة ) .

                                                                                                                              هذا دليل، على أن: دخوله -صلى الله عليه وسلم - الكعبة ، وصلاته فيها، كان يوم الفتح. وهذا لا خلاف فيه. ولم يكن يوم حجة الوداع. قاله النووي .

                                                                                                                              وأقول: ورد في حديث عائشة مرفوعا:

                                                                                                                              ( إني دخلت الكعبة ، ووددت: أني لم أكن فعلت. إني أخاف: أن أكون أتعبت أمتي من بعدي ). رواه الخمسة، إلا النسائي . وصححه الترمذي ، وابن خزيمة ، والحاكم .

                                                                                                                              [ ص: 414 ] وفي هذا دليل: على أن النبي -صلى الله عليه وسلم -، دخل الكعبة في غير عام الفتح. لأن عائشة ، لم تكن معه فيه. إنما كانت معه، في غيره. وهي تقول: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من عندي. وهو قرير العين طيب النفس. ثم رجع إلي وهو حزين. فقلت له. فقال: "إني دخلت".. الحديث.

                                                                                                                              وقد أجاب البعض، عن هذا الحديث بأنه: يحتمل أن يكون قال ذلك لعائشة بالمدينة ، بعد رجوعه من غزوة الفتح.

                                                                                                                              قال في (النيل): وهو بعيد جدا.

                                                                                                                              قال: وقد جزم جمع من أهل العلم: أنه لم يدخل، إلا في عام الفتح. وهذا الحديث، يرد عليهم. وقد تقرر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم -، لم يدخل البيت في عمرته، كما في حديث ابن أبي أوفى : ( أدخل النبي -صلى الله عليه وسلم - البيت ، في عمرته؟ قال: لا ). متفق عليه. قال: فتعين، أن يكون دخله في حجته. وبذلك جزم البيهقي . انتهى.

                                                                                                                              قلت: هذا الجزم، إنما يصح متى ثبت دخوله صلى الله عليه وسلم الكعبة ، صريحا. وليس في حديث عائشة المتقدم، ولا في غيره: ذكر الحج ولا العمرة. وهذا يرشدك إلى: أن التأويل المذكور له وجه. وليس بمجرد احتمال بعيد. والله أعلم.

                                                                                                                              [ ص: 415 ] (وأمر بالباب فأغلق. فلبثوا فيه مليا) أي: طويلا.

                                                                                                                              (ثم فتح الباب فقال عبد الله: فبادرت الناس فتلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا. وبلال على إثره. فقلت لبلال: هل صلى فيه رسول الله؟ قال نعم. قلت: أين؟ قال: بين العمودين. تلقاء وجهه) .

                                                                                                                              المراد بقوله: (هل صلى ؟) : الصلاة المعهودة ، ذات الركوع والسجود.

                                                                                                                              قال النووي: اختلف العلماء، في الصلاة في الكعبة: إذا صلى متوجها إلى جدار منها، أو إلى الباب وهو مردود ;

                                                                                                                              فقال الشافعي ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وأحمد، والجمهور: تصح فيها صلاة النفل ، وصلاة الفرض.

                                                                                                                              وقال مالك: النفل المطلق. دون الفرض ، ولا الوتر ، ولا ركعتا الفجر ، ولا ركعتا الطواف.

                                                                                                                              وقال محمد بن جرير ، وأصبغ المالكي ، وبعض أهل الظاهر: لا تصح فيها صلاة أبدا. لا فريضة ولا نافلة. وحكاه عياض عن ابن عباس أيضا.

                                                                                                                              ودليل الجمهور: حديث بلال: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة. وصلى فيها بين العمودين) . وإذا صحت النافلة ، صحت الفريضة ; لأنهما [ ص: 416 ] في الموضع سواء في الاستقبال ، (في حال النزول) . وإنما يختلفان، في الاستقبال ، (في حال السير) في السفر. انتهى.

                                                                                                                              وأما حديث أسامة: (أنه صلى الله عليه وسلم دعا ، في نواحيها ، ولم يصل) : فسيأتي الجواب عنه.

                                                                                                                              (قال: ونسيت أن أسأله: كم صلى ؟) هكذا ، ثبت في الصحيحين;

                                                                                                                              من رواية ابن عمر.

                                                                                                                              وجاء (في سنن أبي داود) بإسناد فيه ضعف ، عن عبد الرحمن بن صفوان: قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين دخل الكعبة ؟ قال: صلى ركعتين) .




                                                                                                                              الخدمات العلمية