الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
النوع السادس والثلاثون : معرفة nindex.php?page=treesubj&link=29142مختلف الحديث
وإنما يكمل للقيام به الأئمة الجامعون بين صناعتي الحديث والفقه ، الغواصون على المعاني الدقيقة .
اعلم أن ما يذكر في هذا الباب ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : nindex.php?page=treesubj&link=29142أن يمكن الجمع بين الحديثين ، ولا يتعذر إبداء وجه ينفي تنافيهما ، فيتعين حينئذ المصير إلى ذلك والقول بهما معا .
ومثاله : حديث : " لا عدوى ولا طيرة " ، مع حديث : " لا يورد ممرض على مصح " ، وحديث : " فر من المجذوم فرارك [ ص: 285 ] من الأسد " .
وجه الجمع بينهما أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ، ولكن الله تبارك وتعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لإعدائه مرضه .
ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في سائر الأسباب ، ففي الحديث الأول نفى صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقده الجاهلي من أن ذلك يعدي بطبعه ، ولهذا قال : " فمن أعدى الأول ؟ " ، وفي الثاني : اعلم بأن الله - سبحانه - جعل ذلك سببا لذلك ، وحذر من الضرر الذي يغلب وجوده عند وجوده ، بفعل الله - سبحانه وتعالى - .
ولهذا في الحديث أمثال كثيرة . و ( كتاب مختلف الحديث ) nindex.php?page=showalam&ids=13436لابن قتيبة في هذا المعنى إن يكن قد أحسن فيه من وجه فقد أساء في أشياء منه قصر باعه فيها ، وأتى بما غيره أولى وأقوى .
وقد روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=13114محمد بن إسحاق بن خزيمة الإمام أنه قال : " لا أعرف أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثان بإسنادين صحيحين متضادين ، فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما " .
[ ص: 286 ] القسم الثاني : nindex.php?page=treesubj&link=29142أن يتضادا بحيث لا يمكن الجمع بينهما ، وذلك على ضربين :
أحدهما : أن يظهر كون أحدهما ناسخا والآخر منسوخا ، فيعمل بالناسخ ويترك المنسوخ .
والثاني : أن لا تقوم دلالة على أن الناسخ أيهما والمنسوخ أيهما ، فيفزع حينئذ إلى الترجيح ، ويعمل بالأرجح منهما والأثبت ، كالترجيح بكثرة الرواة ، أوبصفاتهم في خمسين وجها من وجوه الترجيحات وأكثر ، ولتفصيلها موضع غير ذا ، والله سبحانه أعلم .