الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      باب الدعاء في السجود

                                                                                                      1121 أخبرنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن سعيد بن مسروق عن سلمة بن كهيل عن أبي رشدين وهو كريب عن ابن عباس قال بت عند خالتي ميمونة بنت الحارث وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها فرأيته قام لحاجته فأتى القربة فحل شناقها ثم توضأ وضوءا بين الوضوءين ثم أتى فراشه فنام ثم قام قومة أخرى فأتى القربة فحل شناقها ثم توضأ وضوءا هو الوضوء ثم قام يصلي وكان يقول في سجوده اللهم اجعل في قلبي نورا واجعل في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل من تحتي نورا واجعل من فوقي نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا واجعل أمامي نورا واجعل خلفي نورا وأعظم لي نورا ثم نام حتى نفخ فأتاه بلال فأيقظه للصلاة

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      1121 ( شناقها ) بكسر المعجمة : الخيط والسير الذي تعلق به القربة ، والخيط الذي يشد به فمها ( ثم توضأ وضوءا بين الوضوءين ) يعني لم يسرف ولم يقتر ( اللهم اجعل في قلبي نورا ، واجعل في سمعي نورا ، واجعل في بصري نورا ، واجعل من تحتي نورا ، واجعل من فوقي نورا ) قال [ ص: 219 ] الشيخ عز الدين بن عبد السلام : اعلم أن النور عبارة عن أجسام قام بها عرض ، لكنه ليس مرادا هنا ، لكنه يعبر بالنور عن المعارف ، وبالظلمات عن الجهل من مجاز التشبيه ؛ لأن المعارف والإيمان تنبسط لها النفوس ، ويذهب الغم عنها بها ، ويبشر بالنجاة من المعاطب تشبيها كما يتفق لها ذلك في النور الحقيقي ، وتغتم بالجهالات وتنقبض وتخاف الهلاك تشبيها كما يتفق لها ذلك في الظلمات ، فلما تشابها عبر بأحدهما عن الآخر ، إلا أن هذا يصح جوابا عن القلب ، وأما في سائر ما ذكر فليس كذلك ؛ لأن المعارف مختصة بالقلب ، إلا أن ما عداه مما ذكر تتعلق به التكاليف ، أما العصب والشعر والدم فمن جهة الغذاء ، وأما اللسان فمن جهة الكلام ، والبصر من جهة النظر ، وكذلك ينظر في سائرها ، ويثبت له من التكاليف ما يناسبه ، إذا تقرر ذلك فاعلم أن التكليف فرع عن العلم بالله والإيمان به ، فمن لم يكن له ذلك لا يوقع شيئا من القرب ، وإذا كانت مسببة عن الإيمان والمعارف الذي هو النور المجازي فسماها نورا من باب إطلاق السبب على المسبب ، فالمراد بالنور الذي في القلب غير النور الذي في غيره . وقال القرطبي : هذه الأنوار التي دعا بها النبي - صلى الله عليه وسلم - يمكن أن تحمل على ظاهرها ، فيكون معنى سؤاله أن يجعل الله - تعالى - له في كل عضو من أعضائه نورا يوم القيامة يستضيء به في تلك الظلم هو ومن تبعه ، والأولى أن يقال : هي مستعارة للعلم والهداية . وقال النووي : قال العلماء : سأل النور في أعضائه وجهاته ، والمراد بيان الحق وضياؤه والهداية إليه ، فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه وتصرفاته وتقلباته وحالاته وجملته في جهاته الست حتى لا يزيغ شيء منها عنه




                                                                                                      الخدمات العلمية