الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
. باب نصاب الإبل بكسر الباء وتسكن مؤنثة لا واحد لها من لفظها ، والنسبة إليها إبلي بفتح الباء ، سميت به لأنها تبول على أفخاذها ( خمس ، فيؤخذ من كل خمس ) منها ( إلى خمس وعشرين بخت ) جمع بختي : وهو ما له سنامان ، منسوب [ ص: 278 ] إلى بختنصر لأنه أول من جمع بين العربي والعجمي فولد منهما ولد فسمي بختيا ( أو عراب شاة ) وما بين النصابين عفو ( وفيها ) أي الخمس وعشرين ( بنت مخاض وهي التي طعنت في ) السنة ( الثانية ) سميت به لأن أمها غالبا تكون مخاضا أي حاملا بأخرى ( وفي ست وثلاثين ) إلى خمس وأربعين ( بنت لبون وهي التي طعنت في الثالثة ) لأن أمها تكون ذات لبن الأخرى غالبا ( وفي ست وأربعين ) إلى الستين ( حقة ) بالكسر ( وهي التي طعنت في الرابعة ) وحق ركوبها ( وفي إحدى وستين ) إلى خمس وسبعين ( جذعة ) بفتح الذال المعجمة ( وهي التي طعنت في الخامسة ) لأنها تجذع : أي تقلع أسنان اللبن ( وفي ست وسبعين ) إلى تسعين ( بنتا لبون ، وفي إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين ) كذا كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه ( ثم تستأنف الفريضة ) عندنا ( فيؤخذ في كل خمس شاة ) مع الحقتين [ ص: 279 ] ( ثم في كل مائة وخمس وأربعين بنت مخاض وحقتان ، ثم في كل مائة وخمسين ثلاث حقاق ، ثم تستأنف الفريضة ) بعد المائة والخمسين ( ففي كل خمس شاة ) مع الثلاث حقاق ( ثم في كل خمس وعشرين بنت مخاض ) مع الحقاق ( ثم في ست وثلاثين بنت لبون ) معهن ( ثم في مائة وست وتسعين أربع حقاق إلى مائتين ، ثم تستأنف الفريضة ) بعد المائتين ( أبدا ، كما تستأنف في الخمسين التي بعد المائة والخمسين ) حتى يجب في كل خمسين حقة . ولا تجزئ ذكور الإبل إلا بالقيمة للإناث ، بخلاف البقر والغنم ، فإن المالك مخير

التالي السابق


. باب

بالتنوين مبتدأ حذف خبره أو بالعكس ، ونصاب مبتدأ وخمس خبره ، والذي في المنح نصاب الإبل بغير بابط ( قوله نصاب الإبل ) أطلقه فشمل الذكور والإناث ولو أبوه وحشيا بعد أن كانت الأم أهلية ، وشمل الصغار بشرط أن لا تكون كلها كذلك لما سيصرح به . فالصغار تبع للكبار ، وشمل الأعمى والمريض والأعرج لكن لا يؤخذ في الصدقة ، وشمل السمان والعجاف لكن تجب شاة بقدر العجاف وبيانه في البحر ( قوله مؤنثة ) قال في ذيل المغرب : كل جمع مؤنث إلا ما صح بالواو والنون فيمن يعلم ، تقول : جاء الرجال والنساء وجاءت الرجال والنساء ، وأسماء الجموع مؤنثة نحو الإبل والذود والخيل والغنم والوحش والعرب والعجم ، وكذا كل ما يفرق بينه وبين واحده بالتاء أو ياء النسب كتمر ونخل ورومي وروم وبختي وبخت ا هـ فافهم ( قوله بفتح الباء ) كقولهم في النسبة إلى سلمة : أي بكسر اللام سلمى بالفتح لتوالي الكسرات مع الياء بحر ( قوله لأنها تبول على أفخاذها ) فيه إشارة إلى أن بينهما اشتقاقا أكبر ، وهو اشتراك الكلمتين في أكثر الحروف مع التناسب في المعنى كما هنا ، فإن الإبل مهموز وبال أجوف ح ( قوله بخت ) بالجر بدل من قوله إلى خمس وعشرين والأولى نصبه على التمييز ط [ ص: 278 ] وهو كذلك في بعض النسخ ( قوله بختنصر ) بضم الباء وسكون الخاء المعجمة وفتح التاء المثناة فوق والنون والصاد المهملة المشددة في آخره راء : علم مركب تركيب مزج على ملك ح .

وفي القاموس : بختنصر بالتشديد ، أصله بوخت ومعناه ابن ونصر كبقم صنم ; وكان وجد عند الصنم ولم يعرف له أب فنسب إليه ، خرب القدس . ا هـ . ( قوله أو عراب ) جمع عربي للبهائم وللأناسي عرب ، ففرقوا بينهما في الجمع بحر ( قوله : شاة ) ذكرا كان أو أثنى بحر . وفي الشرنبلالية عن الجوهرة قال الخجندي : لا يجوز في الزكاة إلا الثني من الغنم فصاعدا ، وهو ما أتى عليه حول . ولا يؤخذ الجذع : وهو الذي أتى عليه ستة أشهر وإن كان يجزئ في الأضحية . ا هـ . ( قوله عفو ) مصدر بمعنى اسم المفعول : أي عفا الشارع عنه فلم يوجب فيه شيئا ط ( قوله : بنت مخاض ) قيد بها لأنها لا يجوز دفع الذكور فيها إلا بطريق القيمة كما يأتي ; والواجب في المأخوذ الوسط كما سيجيء في باب الغنم ( قوله سميت به إلخ ) قال في المغرب : مخضت الحامل مخضا ومخاضا أخذها وجع الولادة ، ومنه - { فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة } - والمخاض أيضا النوق الحوامل الواحدة خلفة ، ويقال لولدها إذا استكمل سنة ودخل في الثانية ابن مخاض لأن أمه لحقت بالمخاض من النوق ا هـ ومثله في القاموس فافهم ( قوله غالبا ) لأنها قد لا تحمل ، وأشار إلى أن المراد ببنت مخاض وكذا بنت لبون السن لا أن تكون مخاضا أو لبونا فهو مخرج مخرج العادة لا مخرج الشرط كما في البحر عن الزيلعي في فصل محرمات النكاح ، وهذا مع ما مر عن المغرب يدل على أن هذا معنى لغوي أيضا لا شرعي فقط كما فهمه في البحر من عبارة الزيلعي المذكورة فافهم ( قوله وهي التي طعنت في الثالثة ) أي ولو بزمن يسير كيوم فلا يخالف ما في القهستاني من أنها التي أتى عليها سنتان أفاده ط ( قوله : لأخرى ) أي لبنت أخرى ط ( قوله وحق ركوبها ) بيان لعلة التسمية كما في القاموس ( قوله : كذا كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) كتب مبتدأ مضاف وكذا خبره وأبي بكر عطف على المضاف إليه ح . وفي عامة النسخ إلى أبي بكر : أي الواصلة إليه ; ففي الفتح عن رواية الزهري " { أنه صلى الله عليه وسلم قد كتب الصدقة ، ولم يخرجها إلا عماله حتى توفي فأخرجها أبو بكر من بعده فعمل بها حتى قبض ، ثم أخرجها عمر فعمل بها إلخ }

قلت : وإنما ذكر الشارح هذه الجملة هنا ولم يؤخرها إلى آخر الكلام لوقوع الخلاف لاختلاف الروايات فيما بعد المائة والخمسين كما أشار إليه بقوله الآتي عندنا ، أما ما دونها فلا خلاف فيه ، إلا ما ورد عن علي أنه قال : في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه ، وتمامه في الزيلعي ( قوله : عندنا ) وقال الشافعي وأحمد : إذا زادت على مائة وعشرين واحدة ففيها ثلاث بنات لبون إلا مائة وثلاثين ففيها حقة وبنتا لبون ثم في كل أربعين بنت لبون [ ص: 279 ] وفي كل خمسين حقة . وعن مالك قولان : أحدهما كمذهبنا ، والآخر كمذهب الشافعي إسماعيل ( قوله ثم في كل مائة وخمس وأربعين ) الأصوب إسقاط كل ليوافق ما في المنح والدرر وغيرهما ولإيهامه أنه إن تكرر هذا العدد مرتين تكرر هذا الواجب مرتين وإن تكرر ثلاثا فثلاث وليس ذلك بمراد .

والأصوب أيضا العطف بالواو بدل ثم لأن هذا ليس استئنافا آخر بل هو من جملة الاستئناف الذي قبله ( قوله بنت مخاض وحقتان ) فالحقتان في المائة والعشرين وبنت مخاض في الخمسة والعشرين الزائدة عليها ( قوله ثم في كل مائة وخمسين ) الأصوب إسقاط كل لما مر ، وعطفه بثم لا بالواو ، لأن مقتضى الاستئناف فيما بعد المائة والعشرين أن يجب في ست وثلاثين بعدها بنت لبون مع الحقتين ، لكن ليس في هذا الاستئناف بنت لبون بخلاف الاستئنافين اللذين بعده ( قوله ثم في كل خمس وعشرين ) أي بعد المائة والخمسين ، والأصوب أيضا إسقاط كل والعطف فيه وفيما بعده بالواو بدل ثم لما مر ( قوله أربع حقاق ) منها ثلاث وجبت في المائة والخمسين والرابعة وجبت في الست والأربعين الزائدة عليها ، وإلى هنا انتهى حكم الاستئناف الثاني فلا تجب فيه جذعة ( قوله إلى مائتين ) وهو في المائتين بالخيار ، إن شاء دفع أربع حقاق من كل خمسين حقة أو خمس بنات لبون من كل أربعين بنت لبون كما في المحيط والمبسوط والخانية إسماعيل ( قوله كما تستأنف في الخمسين التي بعد المائة والخمسين ) قيد به احترازا عن الاستئناف الأول يعني الذي بعد المائة والعشرين ; إذ ليس فيه إيجاب بنت لبون كما قدمناه ولا إيجاب أربع حقاق لعدم نصابهما لأنه لما زاد خمس وعشرون على المائة والعشرين صار كل النصاب مائة وخمسة وأربعين فهو نصاب بنت المخاض مع الحقتين ، فلما زاد عليها خمس وصار مائة وخمسين وجب ثلاث حقاق درر ( قوله : حتى يجب في كل خمسين حقة ) كذا في صدر الشريعة والدرر ، والمراد في كل ست وأربعين إلى الخمسين كما عبر به في النقاية . قال في البحر : فإذا زاد على المائتين خمس شياه مع الأربع حقاق أو الخمس بنات لبون ، وفي عشر شاتان معها ، وفي خمس عشرة ثلاث شياه معها ، وفي عشرين أربع معها ، فإذا بلغت مائتين وخمسا وعشرين ففيها بنت مخاض معها إلى ست وثلاثين ، فبنت لبون معها إلى ست وأربعين ومائتين ففيها خمس حقاق إلى مائتين وخمسين ، ثم تستأنف كذلك ; ففي مائتين وست وتسعين ست حقاق إلى ثلاثمائة ، وهكذا . ا هـ . ( قوله للإناث ) نعت للقيمة : أي القيمة الكائنة للإناث ح ( قوله فإن المالك مخير ) لعدم فضل الأنوثة فيهما على الذكورة ط




الخدمات العلمية