الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 234 ] ثم دخلت سنة إحدى عشرة ومائتين

فمن الحوادث فيها:

أن ابن طاهر سعي به إلى المأمون وقال رجل من إخوة المأمون للمأمون : يا أمير المؤمنين ، إن عبد الله بن طاهر يميل إلى ولد أبي طالب ، وكذا كان أبوه ، فأنكر ذلك المأمون ، ثم عاد لمثل هذا القول ، فدس إليه رجلا وقال له: امض في هيئة القراء والنساك إلى مصر فادع جماعة من كبرائها إلى القاسم بن إبراهيم بن طباطبا ، واذكر مناقبه وفضله ، ثم صر من بعد ذلك إلى بطانة عبد الله بن طاهر ، فادعه ورغبه في استجابته له ، وابحث عن دفين نيته بحثا شافيا . ففعل الرجل ، حتى إذا دعا جماعة من الرؤساء ، قعد يوما ما بباب عبد الله بن طاهر ، وقد ركب إلى عبيد الله بن السري بعد صلحه وأمانه .

فلما انصرف قام إليه الرجل ، فأخرج من كمه رقعة ، فدفعها إليه ، فأخذها بيده ، فما هو إلا أن دخل خرج الحاجب إليه فأدخله ، فقال له: قد فهمت ما في رقعتك ، فهات ما عندك فقال: ولي أمانك وذمة الله؟ قال: لك ذلك ، فأظهر ما أراد ، ودعاه إلى القاسم ، وأخبره بفضائله ، فقال له عبد الله أتنصف؟ قال: نعم قال: هل يجب شكر الله على العباد؟ قال: نعم ، قال: فهل يجب شكر بعضهم لبعض عند الإحسان؟ قال: نعم ، قال: فتجيء إلي وأنا على هذه الحال التي ترى لي خاتم في المشرق جائز وفي المغرب كذلك ، وفيما بينهما أمري مطاع ، ثم ما التفت يمينا ولا شمالا إلا رأيت نعمة [ ص: 235 ] لرجل أنعمها علي ، فتدعوني إلى الكفر بهذه النعم ، وهذا الإحسان ، وتقول: اغدر بمن كان أولا لهذا وآخرا واسع في دمه ، فسكت الرجل ، فقال له: ارحل عن هذا البلد ، فإني أخاف عليك ، فلما آيس الرجل مما عنده ، جاء إلى المأمون ، فأخبره ، فاستبشر ، وقال: ذاك غرس يدي وإلف أدبي وترب تلقيحي ولم يظهر لأحد من ذلك شيئا .

وفي هذه السنة: قدم عبد الله بن طاهر مدينة السلام من المغرب ، فتلقاه العباس بن المأمون وأبو إسحاق المعتصم وسائر الناس ، وقدم معه بالمتغلبين على الشام كابن [السرج ، وابن] أبي الجمل ، [وابن] أبي الصقر .

وفيها: أمر المأمون مناديا ، فنادى: برئت الذمة ممن ذكر معاوية بخير أو فضله على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وحج بالناس في هذه السنة: صالح بن العباس وهو والي مكة

التالي السابق


الخدمات العلمية