الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى

                                                                                                                                                                                                بني إسرائيل : خطاب لهم بعد إنجائهم من البحر ، وإهلاك آل فرعون ، وقيل : هو للذين كانوا منهم في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الله عليهم بما فعل بآبائهم والوجه هو الأول ، أي : قلنا : يا بني إسرائيل ، وحذف القول كثير في القرآن ، وقرئ : "أنجيتكم" [ ص: 100 ] إلى "رزقتكم " ، وعلى لفظ الوعد والمواعدة ، وقرئ : "الأيمان " : بالجر على الجوار ؛ نحو : "جحر ضب خرب " ، ذكرهم النعمة في نجاتهم وهلاك عدوهم ، وفيما واعد موسى -صلوات الله عليه- من المناجاة بجانب الطور ، وكتب التوراة في الألواح ؛ وإنما عدى المواعدة إليهم لأنها لابستهم واتصلت بهم ؛ حيث كانت لنبيهم ونقبائهم ، وإليهم رجعت منافعها التي قام بها دينهم وشرعهم ، وفيما أفاض عليهم من سائر نعمه وأرزاقه ، طغيانهم في النعمة : أن يتعدوا حدود الله فيها بأن يكفروها ويشغلهم اللهو والتنعم عن القيام بشكرها ، وأن ينفقوها في المعاصي ، وأن يزووا حقوق الفقراء فيها ، وأن يسرفوا في إنفاقها ، وأن يبطروا فيها ويأشروا ويتكبروا ، قرئ : "فيحل" وعن عبد الله : "لا يحلن " ، ومن يحلل : المكسور في معنى : الوجوب ، من حل الدين يحل : إذا وجب أداؤه ، ومنه قوله تعالى : حتى يبلغ الهدي محله [البقرة : 196 ] ، والمضموم في معنى النزول ، وغضب الله عقوباته ؛ ولذلك وصف بالنزول ، "هوى " : هلك ، وأصله : أن يسقط من جبل فيهلك .

                                                                                                                                                                                                قالت : [من مجزوء الوافر ]


                                                                                                                                                                                                هوى من رأس مرقبة ففتت تحتها كبده



                                                                                                                                                                                                [ ص: 101 ] ويقولون : هوت أمه ، أو سقط سقوطا لا نهوض بعده .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية