الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا

                                                                                                                                                                                                                                        واخفض لهما جناح الذل تذلل لهما وتواضع فيهما ، وجعل للذل جناحا كما جعل لبيد في قوله :


                                                                                                                                                                                                                                        وغداة ريح قد كشفت وقرة . . . إذ أصبحت بيد الشمال زمامها



                                                                                                                                                                                                                                        للشمال يدا أو للقرة زماما ، وأمره بخفضه مبالغة أو أراد جناحه كقوله تعالى : واخفض جناحك للمؤمنين . وإضافته إلى الذل للبيان والمبالغة كما أضيف حاتم إلى الجود ، والمعنى واخفض لهما جناحك الذليل . وقرئ « الذل » بالكسر وهو الانقياد والنعت منه ذلول . من الرحمة من فرط رحمتك عليهما لافتقارهما إلى من كان أفقر خلق الله تعالى إليهما بالأمس . وقل ربي ارحمهما وادع الله تعالى أن يرحمهما برحمته الباقية ، ولا تكتف برحمتك الفانية وإن كانا كافرين لأن من الرحمة أن يهديهما . كما ربياني صغيرا رحمة مثل رحمتهما علي وتربيتهما وإرشادهما لي في صغري وفاء بوعدك للراحمين .

                                                                                                                                                                                                                                        روي : (أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أبوي بلغا من الكبر أني ألي منهما ما وليا مني في الصغر فهل قضيتهما حقهما . قال : لا فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وأنت تفعل ذلك وتريد موتهما) .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 253 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية