الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 3 ] " ما يؤثر عنه في السير والجهاد ، وغير ذلك "

(أنا ) سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي ، [قال ] : " قال الله عز وجل : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) " .

" قال الشافعي (رحمه الله ) : خلق الله الخلق : لعبادته ؛ ثم أبان (جل ثناؤه ) : أن خيرته من خلقه : أنبياؤه ؛ فقال تعالى : ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ، ومنذرين ) ؛ فجعل النبيين (صلى الله عليه وسلم ) من أصفيائه - دون عباده - : بالأمانة على وحيه ، والقيام بحجته فيهم ".

[ ص: 4 ] " ثم ذكر من خاصة صفوته ، فقال : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) فخص آدم ونوحا : بإعادة ذكر اصطفائهما . وذكر إبراهيم (عليه السلام ) ، فقال : ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ) . وذكر إسماعيل بن إبراهيم ، فقال : ( واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ) ".

" ثم أنعم الله (عز وجل ) على آل إبراهيم ، وآل عمران في الأمم ؛ فقال : ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) ".

" ثم اصطفى محمدا (صلى الله عليه وسلم ) من خير آل إبراهيم ؛ وأنزل كتبه - قبل إنزال القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم - : بصفة فضيلته ، وفضيلة من اتبعه ؛ فقال : ( محمد رسول الله والذين [ ص: 5 ] معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ ) الآية وقال لأمته : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) الآية ؛ ففضلهم : بكينونتهم من أمته ، دون أمم الأنبياء قبله ".

" ثم أخبر (جل ثناؤه ) : [أنه ] جعله فاتح رحمته ، عند فترة رسله ؛ فقال : ( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا : يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير ) ؛ وقال تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ) . وكان في ذلك ، ما دل : على أنه بعثه إلى خلقه - : [ ص: 6 ] لأنهم كانوا أهل كتاب وأميين - وأنه فتح [به ] رحمته ".

" وختم [به ] نبوته
: قال عز وجل : ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) ".

" وقضى : أن أظهر دينه على الأديان ؛ فقال : ( هو الذي أرسل [ ص: 7 ] رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) ". .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية