الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فصل :

145 - أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد أنا أبو عمر بن مهدي ، أنا الحسين بن يحيى بن عياش ، ثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، ثنا عفان ، ثنا حماد ، عن ثابت عن ابن أبي ليلى عن المقداد رضي الله عنه قال قدمت وصاحبان لي فتعرضنا للناس ما يضيفنا أحد فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فذهب بنا إلى منزله وعنده أربعة أعنز فقال احلبهن يا مقداد ثم جزئهن أربعة أجزاء وأعط كل إنسان جزأه فكنت أفعل ذلك فرفعت للنبي صلى الله عليه وسلم جزأه ذات ليلة فاحتبس واضطجعت على فراشي فقالت لي نفسي إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى أهل بيت من الأنصار فلو قمت فشربت هذه الشربة فلم أزل حتى أقدمت فشربت فلما دخل في بطني وتقار أخذني ما قدم وما حدث، وقلت: يجيء النبي صلى الله عليه وسلم جائعا ظمآن فلا يرى في القدح شيئا فسجيت ثوبا على وجهي، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم تسليما يسمع اليقظان ولا يوقظ النائم ثم أتى الإناء فكشف عنه فلم ير فيه شيئا فرفع رأسه إلى السماء ثم قال: اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني فاستغنمت دعوته فأخذت الشفرة ودنوت من الأعنز أجسهن أيتهن أسمن لأذبحها فوضعت يدي على ضرع إحداهن فإذا هي حافل ونظرت إلى الأخرى فإذا هي حافل ونظرت إلى كلهن فإذا هن حفل فحلبت [ ص: 134 ] في الإناء ثم أتيته فقلت اشرب فقال ما الخبر؟ فقلت: اشرب، فقال: بعض سوآتك يا مقداد فشرب ثم قال: يا مقداد قلت: اشرب يا نبي الله فشرب حتى تضلع ثم أخذته فشربت ثم أخبرته الخبر، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم هيه فقلت كان كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذه بركة أنزلت من السماء أفلا أخبرتني حتى أسقي صاحبيك فقلت إذا شربت أنا وأنت البركة فلا أبالي من أخطأت .

146 - قال وأخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني ، ثنا سعيد بن سليمان نا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن المقداد قال : أقبلت أنا وصاحبان لي قد ذهبت أسماعهما وأبصارهما من الجهد فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس أحد يقبلنا فانطلقنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى أهله فإذا ثلاثة أعنز فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احلبهن فذكر نحوه وزاد فيه وعلي شملة من صوف كلما رفعت على رأسي خرجت قدمي وإذا أرسلت على قدمي خرج رأسي فجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم كما يسلم ثم أتى المسجد يصلي .

قال الإمام رحمه الله : قوله : وتقار أي: استقر يعني اللبن ، وقوله: أخذني ما قدم وما حدث أي ندمت واهتممت ، وقوله: حافل أي كثيرة اللبن ، والحفل جمع ، وقوله: بعض سوآتك أي بعض حيلك ، وقوله: تضلع أي امتلأ ريا ، وقوله: هيه أي زدني من خبر اللبن وحاله ، وقوله: فلا أبالي من أخطأت التاء لتأنيث البركة أي من لم تنله الشربة إذا نالتك ونالتني .

التالي السابق


الخدمات العلمية