الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 169 ] قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا أجئتنا ... إلخ، مسوق لبيان أنه - صلى الله عليه وسلم - ألقمهم الحجر، فانقطعوا عن الإتيان بكلام له تعلق بكلامه - صلى الله عليه وسلم - فضلا عن الجواب الصحيح، واضطروا إلى التشبت بذيل التقليد الذي هو دأب كل عاجز محجوج، وديدن كل معاند لجوج، على أنه استئناف وقع جوابا عما قبله من كلامه - صلى الله عليه وسلم - على طريقة قوله تعالى: قال موسى ... إلخ، حسبما أشير إليه كأنه قيل: فماذا قالوا لموسى عليه السلام عندما قال لهم ما قال؟ فقيل: قالوا عاجزين عن المحاجة: أجئتنا لتلفتنا أي: لتصرفنا، فإن الفتل واللفت أخوان عما وجدنا عليه آباءنا أي: من عبادة الأصنام، ولا ريب في أن ذلك إنما يتسنى بكون ما ذكر من تتمة كلامه - عليه السلام - على الوجه الذي شرح، إذ على تقدير كونه محكيا من قبلهم يكون جوابه - عليه السلام - خاليا عن التبكيت الملجئ لهم إلى العدول عن سنن المحاجة، ولا ريب في أنه لا علاقة بين قولهم "أجئتنا" إلخ، وبين إنكاره - عليه السلام - لما حكي عنهم مصححة لكونه جوابا عنه وتكون لكما الكبرياء أي: الملك، أو التكبر على الناس باستتباعهم، وقرئ (ويكون) بالياء التحتانية، وكلمة "في" في قوله تعالى: في الأرض أي: أرض مصر متعلقة بـ(تكون) أو بـ(الكبرياء) أو بالاستقرار في (لكما ) لوقوعه خبرا، أو بمحذوف وقع حالا من (الكبرياء) أو من الضمير في (لكما) لتحمله إياه وما نحن لكما بمؤمنين أي: بمصدقين فيما جئتما به، وتثنية الضمير في هذين الموضعين بعد إفراده فيما تقدم من المقامين باعتبار شمول الكبرياء لهما - عليهما السلام - واستلزام التصديق لأحدهما التصديق للآخر، وأما اللفت والمجيء له فحيث كانا من خصائص صاحب الشريعة أسند إلى موسى - عليه السلام - خاصة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية