الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 410 ] 144 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام من قوله : { لي الواجد يحل عرضه وعقوبته }

949 - حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا وبر بن أبي دليلة ، حدثني محمد بن عبد الله بن ميمون ، حدثني عمرو بن الشريد سمع أباه يقول : قال رسول الله عليه السلام : { لي الواجد يحل عرضه وعقوبته } .

950 - حدثنا أبو أمية ، حدثنا أبو عاصم ، عن وبر بن أبي دليلة أو دليلة ، حدثنا محمد بن ميمون بن مسيكة ، حدثني عمرو بن الشريد ، [ ص: 411 ] عن أبيه قال : قال رسول الله عليه السلام : { لي الواجد يحل عرضه وعقوبته } .

فسأل سائل عن المراد بهذا الحديث .

فكان جوابنا له في ذلك أن اللي المراد فيه : هو المطل ، ومنه قول ذي الرمة :

تطيلين لياني وأنت ملية وأحسن يا ذات الوشاح التقاضيا

وهو مصدر لويته ؛ لأنك تقول : لويته ليا ، كما تقول : طويته طيا ، وكما تقول : شويته شيا ، وكما تقول : غويته غيا .

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مطل الواجد :

[ ص: 412 ]

951 - ما قد حدثنا أبو أمية ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { مطل الغني ظلم } .

952 - وما قد حدثنا أبو أمية ، حدثنا معلى بن منصور الرازي ، حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي عليه السلام مثله .

953 - وما قد حدثنا أبو أمية ، حدثنا معلى بن منصور ، حدثنا أبو عوانة ، عن داود بن عبد الله الأودي ، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

954 - وما قد حدثنا أبو أمية ، حدثنا معلى بن منصور ، حدثنا هشيم ، حدثنا يونس بن عبيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

[ ص: 413 ] وإذا استحق بليه ذلك إن كان ظالما استحق أن يخاطب بذلك وأن يوبخ به ، يقول له يا ظالم ، ويقال له : أنت ظالم ، فهذا الذي يحل من عرضه بليه ، والله أعلم .

غير أن محمد بن الحسن فيما أجازه لنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد عنه قال : هو التقاضي ، والقول عندنا في ذلك هو القول الأول ، والله أعلم ؛ لأن التقاضي من حق من له الدين على من هو له عليه قبل ليه إياه به ، وإذا لواه به استحق عليه معنى سواه لم يكن مستحقا له عليه قبل ذلك ، وهو غير التقاضي .

وأما العقوبة المستحقة عليه فقد قال قوم : إنها الحبس في ذلك الدين .

وقال محمد في الرواية التي ذكرناها : إنها الملازمة له ، والملازمة هي حبس للملزوم عن تصرفه في أموره ، فهي تقرب من الحبس المعقول غير أن الأولى في ذلك عندنا ، والله أعلم ، أن تكون هي حبس الحاكم للمستحق لها فيها ؛ لأن في ملازمة ذي الدين الذي عليه الدين تشاغله به عن أسباب نفسه ، ولا اختلاف بين أهل العلم أنه إذا سأل الحاكم حبسه له في دينه أن ذلك واجب له عليه ، فكانت عقوبته بالحبس أولى منها بالملازمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية