الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
" مبتدأ التنزيل ، والفرض على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ثم على الناس "

(أنا ) أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ؛ قالا : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه الله ) : " لما بعث الله نبيه (صلى الله عليه وسلم ) : أنزل عليه فرائضه كما شاء : ( لا معقب لحكمه ) ؛ ثم : أتبع كل واحد منها ، فرضا بعد فرض : في حين غير حين الفرض قبله ".

" قال : ويقال (والله أعلم ) : إن أول ما أنزل الله عليه - من كتابه - : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) ".

[ ص: 8 ] " ثم أنزل عليه [ما ] لم يؤمر فيه : [بأن ] يدعو إليه المشركين . فمرت لذلك مدة ".

" ثم يقال : أتاه جبريل (عليه السلام ) عن الله (عز وجل ) : بأن يعلمهم نزول الوحي عليه ، ويدعوهم إلى الإيمان به . فكبر ذلك عليه ؛ وخاف : التكذيب ، وأن يتناول . فنزل عليه : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) . فقال : يعصمك من قتلهم : أن يقتلوك ؛ حتى تبلغ ما أنزل إليك . فبلغ ما أمر به : فاستهزأ به قوم ؛ فنزل عليه : ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين ) ".

[ ص: 9 ] " قال : وأعلمه : من علم منهم أنه لا يؤمن به ؛ فقال : ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا ) ؛ إلى قوله : ( هل كنت إلا بشرا رسولا ) ".

" قال الشافعي (رحمه الله ) : وأنزل إليه (عز وجل ) - فيما يثبته به : إذا ضاق من أذاهم - : ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) ".

" ففرض عليه : إبلاغهم ، وعبادته . ولم يفرض عليه قتالهم ؛ وأبان ذلك في غير آية : من كتابه ؛ ولم يأمره : بعزلتهم ؛ وأنزل عليه : ( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ) وقوله : ( فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) ؛ وقوله : ( ما على [ ص: 10 ] الرسول إلا البلاغ ) ؛ مع أشياء ذكرت في القرآن - في غير موضع - : في [مثل ] هذا المعنى ".

" وأمرهم الله (عز وجل ) : بأن لا يسبوا أندادهم فقال : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) الآية ؛ مع ما يشبهها ".

" ثم أنزل (جل ثناؤه ) - بعد هذا - : في الحال الذي فرض فيها عزلة المشركين ؛ فقال : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) ".

" وأبان لمن تبعه ، ما فرض عليهم : مما [فرض عليه ] ؛ قال : ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر [ ص: 11 ] بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) الآية ". .

التالي السابق


الخدمات العلمية