الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 172 ] وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم

                                                                                                                                                                                                                                      وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة أي: ما يتزين به من اللباس والمراكب ونحوها وأموالا وأنواعا كثيرة من المال في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك دعاء عليهم بلفظ الأمر بما علم بممارسة أحوالهم أنه لا يكون غيره، كقولك: لعن الله إبليس، وقيل: اللام للعاقبة وهي متعلقة بـ(آتيت) أو للعلة؛ لأن إيتاء النعم على الكفر استدراج وتثبيت على الضلال؛ ولأنهم لما جعلوها ذريعة إلى الضلال فكأنهم أوتوها ليضلوا، فيكون "ربنا" تكريرا للأول تأكيدا أو تنبيها على أن المقصود عرض ضلالهم وكفرانهم تقدمة لقوله تعالى: ربنا اطمس على أموالهم الطمس المحو، وقرئ بضم الميم، أي: أهلكها واشدد على قلوبهم أي: اجعلها قاسية، واطبع عليها حتى لا تنشرح للإيمان، كما هو قضية شأنهم فلا يؤمنوا جواب للدعاء، أو دعاء بلفظ النهي، أو عطف على (ليضلوا) وما بينهما دعاء معترض حتى يروا العذاب الأليم أي: يعاينوه ويوقنوا به بحيث لا ينفعهم ذلك إذ ذاك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية