الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أي اكتسبوا الشرك. قال الكلبي : الذين أريد بهم هذه الآية عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة. أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات قال الكلبي أريد بهم علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث حين برزوا إليهم يوم بدر فقتلوهم.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه فيه ثلاثة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أفرأيت من اتخذ دينه ما يهواه ، فلا يهوى شيئا إلا ركبه، قاله ابن عباس . [ ص: 265 ] الثاني: أفرأيت من جعل إلهه الذي يعبده ما يهواه ويستحسنه ، فإذا استحسن شيئا وهو به اتخذه إلها ، قاله عكرمة ، قاله سعيد بن جبير : كان أحدهم يعبد الحجر. فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به وعبد الآخر.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أفرأيت من ينقاد لهواه انقياده لإلهه ومعبوده تعجبا لذوي العقول من هذا الجهل. وأضله الله على علم فيه تأويلان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: وجده ضالا ، حكاه ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: معناه ضل عن الله. ومنه قول الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        هبوني امرأ منكم أضل بعيره له ذمة إن الذمام كثير

                                                                                                                                                                                                                                        أي ضل عنه بعيره.

                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله على علم وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: على علم منه أنه ضال ، قاله مقاتل.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: قاله ابن عباس أي في سابق علمه أنه سيضل. وختم على سمعه وقلبه أي طبع على سمعه حتى لا يسمع الوعظ وطبع على قلبه حتى لا يفقه الهدى. وجعل على بصره غشاوة حتى لا يبصر الرشد. ثم في هذا الكلام وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه خارج مخرج الخبر عن أحوالهم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه خارج مخرج الدعاء بذلك عليهم. وحكى ابن جريج أنها نزلت في الحارث بن قيس من الغياطلة ، وحكى الضحاك أنها نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية