الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما

                                                                                                                                                                                                يقال في أوامر الملوك ووصاياهم : تقدم الملك إلى فلان وأوعز إليه ، وعزم عليه ، وعهد إليه ، عطف الله -سبحانه- قصة آدم على قوله : وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون [طه : 113 ] ، والمعنى : وأقسم قسما : لقد أمرنا أباهم آدم ووصيناه ألا يقرب الشجرة ، وتوعدناه بالدخول في جملة الظالمين إن قربها ؛ وذلك من قبل وجودهم ومن قبل أن نتوعدهم ، فخالف إلى ما نهي عنه ، وتوعد في ارتكابه مخالفتهم ، ولم يلتفت إلى الوعيد كما لا يلتفتون ، كأنه يقول : إن أساس أمر بني آدم على ذلك ، وعرقهم راسخ فيه .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : ما المراد بالنسيان ؟

                                                                                                                                                                                                [ ص: 113 ] قلت : يجوز أن يراد النسيان الذي هو نقيض الذكر ، وأنه لم يعن بالوصية العناية الصادقة ، ولم يستوثق منها بعقد القلب عليها وضبط النفس ، حتى تولد من ذلك النسيان ، وأن يراد الترك وأنه ترك ما وصي به من الاحتراس عن الشجرة وأكل ثمرتها ، وقرئ : "فنسي " ، أي : نساه الشيطان ، العزم : التصميم والمضي على ترك الأكل ، وأن يتصلب في ذلك تصلبا يؤيس الشيطان من التسويل له ، والوجود : يجوز أن يكون بمعنى : العلم ، ومفعولاه : له عزما ، وأن يكون نقيض العدم كأنه قال : وعدمنا له عزما .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية