الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
" الإذن بالهجرة "

(أنا ) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (رحمه الله ) : " وكان المسلمون مستضعفين بمكة ، زمانا : لم يؤذن لهم فيه بالهجرة منها ؛ ثم أذن الله لهم بالهجرة ، وجعل لهم مخرجا . فيقال : نزلت : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) ".

" فأعلمهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : أن قد جعل الله لهم [بالهجرة ] مخرجا ؛ قال : ( ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ) الآية وأمرهم : ببلاد الحبشة . فهاجرت إليها [منهم ] طائفة ".

ثم دخل أهل المدينة [في ] الإسلام : فأمر رسول الله (صلى الله [ ص: 12 ] عليه وسلم ) طائفة - فهاجرت إليهم - : غير محرم على من بقي ، ترك الهجرة ".

وذكر الله (عز وجل ) أهل الهجرة ، فقال : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) ؛ وقال : ( للفقراء المهاجرين ) ؛ وقال : ( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله ) ".

" قال : ثم أذن الله لرسوله (صلى الله عليه وسلم ) : بالهجرة منها ؛ فهاجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) إلى المدينة ".

" ولم يحرم في هذا ، على من بقي بمكة ، المقام بها - : وهي دار شرك - . وإن قلوا : بأن يفتنوا . [و ] لم يأذن لهم بجهاد ".

[ ص: 13 ] " ثم أذن الله (عز وجل ) لهم : بالجهاد ؛ ثم فرض - بعد هذا - عليهم : أن يهاجروا من دار الشرك . وهذا موضوع في غير هذا الموضع ". .

" مبتدأ الإذن بالقتال "

وبهذا الإسناد : قال الشافعي (رحمه الله ) : " فأذن لهم بأحد الجهادين : بالهجرة ؛ قبل [أن ] يؤذن لهم : بأن يبتدئوا مشركا بقتال " .

" ثم أذن لهم : بأن يبتدئوا المشركين بقتال ؛ قال الله عز وجل : ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ) ؛ وأباح لهم القتال ، بمعنى : أبانه في كتابه ؛ فقال : ( وقاتلوا في [ ص: 14 ] سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) ؛ إلى : ( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين ) ".

" قال الشافعي (رحمه الله ) : يقال : نزل هذا في أهل مكة - : وهم كانوا أشد العدو على المسلمين . - ففرض عليهم في قتالهم ، ما ذكر الله عز وجل ".

" ثم يقال : نسخ هذا كله ، والنهي عن القتال حتى يقاتلوا ، [ ص: 15 ] والنهي عن القتال في الشهر الحرام - بقول الله عز وجل : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) ".

" ونزول هذه الآية : بعد فرض الجهاد ؛ وهي موضوعة في موضعها ". .

التالي السابق


الخدمات العلمية