الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل الفحشاء والمنكر

وأما الفحشاء والمنكر فالفحشاء صفة لموصوف قد حذف تجريدا لقصد الصفة ، وهي الفعلة الفحشاء ، والخصلة الفحشاء ، وهي ما ظهر قبحها لكل أحد ، واستفحشه كل ذي عقل سليم ، ولهذا فسرت بالزنا واللواط ، وسماها الله فاحشة لتناهي قبحهما ، وكذلك القبيح من القول يسمى فحشا ، وهو ما ظهر قبحه جدا من السب القبيح ، والقذف ونحوه .

وأما المنكر فصفة لموصوف محذوف أيضا ، أي الفعل المنكر ، وهو الذي تستنكره العقول والفطر ، ونسبته إليها كنسبة الرائحة القبيحة إلى حاسة الشم ، والمنظر القبيح إلى العين ، والطعم المستكره إلى الذوق ، والصوت المستنكر إلى الأذن ، فما اشتد إنكار العقول والفطر له فهو فاحشة ، كما فحش إنكار الحواس له من هذه المدركات .

فالمنكر لها ما لم تعرفه ولم تألفه ، والقبيح المستكره لها الذي تشتد نفرتها عنه هو الفاحشة ، ولذلك قال ابن عباس : الفاحشة الزنا ، والمنكر ما لم يعرف في شريعة ولا سنة .

فتأمل تفريقه بين ما لم يعرف حسنه ولم يؤلف ، وبين ما استقر قبحه في الفطر والعقول .

التالي السابق


الخدمات العلمية