الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى

                                                                                                                                                                                                "طفق يفعل كذا" مثل : جعل يفعل ، وأخذ ، وأنشأ ، وحكمها حكم كاد في وقوع الخبر فعلا مضارعا ، وبينها وبينه مسافة قصيرة ، هي : للشروع في أول الأمر ، وكاد لمشارفته والدنو منه ، قرئ : "يخصفان " : للتكثير والتكرير ، من خصف النعل وهو أن يخرز عليها الخصاف ، أي : يلزقان الورق بسوآتهما للتستر وهو ورق التين ، وقيل : كان مدورا ، فصار على هذا الشكل من تحت أصابعهما ، وقيل : كان لباسهما الظفر ، فلما أصابا الخطيئة ، نزع عنهما وتركت هذه البقايا في أطراف الأصابع ، عن ابن عباس : لا شبهة في أن آدم لم يمتثل ما رسم الله له ، وتخطى فيه ساحة الطاعة ، وذلك هو العصيان ، ولما عصى خرج فعله من أن يكون رشدا وخيرا ، فكان غيا لا محالة ؛ لأن الغي خلاف الرشد ، ولكن قوله : وعصى آدم ربه فغوى : بهذا الإطلاق وبهذا التصريح ، وحيث لم يقل : وزل آدم وأخطأ وما أشبه ذلك ، مما يعبر به عن الزلات والفرطات : فيه لطف بالمكلفين ومزجرة بليغة وموعظة كافة ، وكأنه قيل لهم : انظروا واعتبروا كيف نعيت على النبي المعصوم حبيب الله الذي لا يجوز عليه إلا اقتراف الصغيرة غير المنفرة زلته بهذه الغلطة بهذا اللفظ الشنيع ، فلا تتهاونوا بما يفرط منكم من السيئات والصغائر ، فضلا أن تجسروا على التورط في الكبائر ، وعن بعضهم : "فغوى " : فبشم من كثرة الأكل ، وهذا -وإن صح على لغة من يقلب الياء المكسورة ما قبلها ألفا فيقول في "فني ، وبقي " : "فنا ، وبقا " ، وهم بنو طي ؛ تفسير خبيث .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية