الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (53) قوله تعالى : إلا ما رحم : فيه أوجه ، أحدها : أنه مستثنى من الضمير المستكن في " أمارة " كأنه قيل : إن النفس لأمارة بالسوء إلا نفسا رحمها ربي ، فيكون أراد بالنفس الجنس ، فلذلك ساغ الاستثناء منها كقوله تعالى : إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا ، وإلى هذا نحا الزمخشري فإنه قال : " إلا البعض الذي رحمه ربي بالعصمة كالملائكة " وفيه نظر من حيث إيقاع " ما " على من يعقل والمشهور خلافه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 515 ] والثاني : أن " ما " في معنى الزمان فيكون مستثنى من الزمن العام المقدر . والمعنى : إن النفس لأمارة بالسوء في كل وقت وأوان إلا وقت رحمة ربي إياها بالعصمة . ونظره أبو البقاء بقوله تعالى : ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا . وقد تقدم أن الجمهور لا يجيزون أن تكون " أن " واقعة موقع ظرف الزمان .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : أنه مستثنى من مفعول " أمارة " ، أي : لأمارة صاحبها بالسوء إلا الذي رحمه الله . وفيه إيقاع " ما " على العاقل .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع : أنه استثناء منقطع . قال ابن عطية : " وهو قول الجمهور " . وقال الزمخشري : " ويجوز أن يكون استثناء منقطعا ، أي : ولكن رحمة ربي هي التي تصرف الإساءة كقوله : ولا هم ينقذون إلا رحمة منا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية