الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما جاء في نكاح المحرم وحكم وطئه

                                                                                                                                            1898 - ( عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا ينكح المحرم ، ولا ينكح ، ولا يخطب } . رواه الجماعة إلا البخاري وليس للترمذي فيه : ولا يخطب ) .

                                                                                                                                            1899 - ( وعن ابن عمر { أنه سئل عن امرأة أراد أن يتزوجها رجل وهو خارج من مكة فأراد أن يعتمر أو يحج ، فقال : لا تتزوجها وأنت محرم ، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه } . رواه أحمد ) .

                                                                                                                                            1900 - ( وعن أبي غطفان عن أبيه عن عمر ، أنه فرق بينهما يعني : رجلا تزوج [ ص: 19 ] وهو محرم . رواه مالك في الموطإ والدارقطني ) .

                                                                                                                                            1901 - ( وعن ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم } . رواه الجماعة وللبخاري : { تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف } ) .

                                                                                                                                            1902 - ( وعن يزيد بن الأصم عن ميمونة { أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالا وبنى بها حلالا وماتت بسرف فدفناها في الظلة التي بنى بها فيها . } رواه أحمد والترمذي ، ورواه مسلم وابن ماجه ولفظهما : تزوجها وهو حلال ، قال : وكانت خالتي وخالة ابن عباس ، وأبو داود ولفظه قالت : تزوجني ونحن حلالان بسرف ) .

                                                                                                                                            1903 - ( وعن أبي رافع { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا وبنى بها حلالا وكنت الرسول بينهما } . رواه أحمد والترمذي ورواية صاحب القصة والسفير فيها أولى ; لأنه أخبر وأعرف بها وروى أبو داود أن سعيد بن المسيب قال : وهم ابن عباس في قوله : تزوج ميمونة وهو محرم ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث ابن عمر في إسناده أيوب بن عتبة وهو ضعيف وقد وثق وحديث أبي رافع قال الترمذي : حديث حسن ولا نعلم أحدا أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة قال : وروى مالك بن أنس عن ربيعة عن سليمان بن يسار : { أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال } . رواه مالك مرسلا وقول سعيد بن المسيب أخرجه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري وفي إسناده رجل مجهول

                                                                                                                                            قوله : لا ينكح المحرم ولا ينكح الأول بفتح الياء وكسر الكاف أي : لا يتزوج لنفسه ، والثاني بضم الياء وكسر الكاف أي : لا يزوج امرأة بولاية ولا وكالة في مدة الإحرام قال العسكري : ومن فتح الكاف من الثاني فقد صحف . قوله : ( ولا يخطب ) أي : لا يخطب المرأة وهو طلب زواجها وقيل : لا يكون خطيبا في النكاح بين يدي العقد والظاهر الأول قوله : ( تزوج ميمونة وهو محرم ) أجيب عن هذا بأنه مخالف لرواية أكثر الصحابة ولم يروه كذلك إلا ابن عباس كما قال عياض ولكنه متعقب بأنه قد صح من رواية عائشة وأبي هريرة نحوه كما صرح بذلك في الفتح وأجيب ثانيا بأنه تزوجها في أرض الحرم وهو حلال فأطلق ابن عباس على من في الحرم أنه محرم وهو بعيد . وأجيب ثالثا بالمعارضة برواية [ ص: 20 ] ميمونة نفسها وهي صاحبة القصة ، وكذلك برواية أبي رافع وهو السفير وهما أخبر بذلك كما قال المصنف وغيره ولكنه يعارض هذا المرجح أن ابن عباس روايته مثبتة وهي أولى من النافية ويجاب بأن رواية ميمونة وأبي رافع أيضا مثبتة لوقوع عقد النكاح والنبي صلى الله عليه وسلم حلال .

                                                                                                                                            وأجيب رابعا بأن غاية حديث ابن عباس أنه حكاية فعل وهي لا تعارض صريح القول أعني : النهي عن أن ينكح المحرم أو ينكح ولكن هذا إنما يصار إليه عند تعذر الجمع وهو ممكن ههنا على فرض أن رواية ابن عباس أرجح من رواية غيره وذلك بأن يجعل فعله صلى الله عليه وسلم مخصصا له من عموم ذلك القول كما تقرر في الأصول إذا فرض تأخر الفعل عن القول ، فإن فرض تقدمه ففيه الخلاف المشهور في الأصول في جواز تخصيص العام المتأخر بالخاص المتقدم كما هو المذهب الحق أو جعل العام المتأخر ناسخا كما ذهب إليه البعض إذا تقرر هذا فالحق أنه يحرم أن يتزوج المحرم أو يزوج غيره كما ذهب إليه الجمهور .

                                                                                                                                            وقال عطاء وعكرمة وأهل الكوفة : يجوز للمحرم أن يتزوج كما يجوز له أن يشتري الجارية للوطء وتعقب بأنه قياس في مقابلة النص وهو فاسد الاعتبار ، وظاهر النهي عدم الفرق بين من يزوج غيره بالولاية الخاصة أو العامة كالسلطان والقاضي ، وقال بعض الشافعية والإمام يحيى : إنه يجوز أن يزوج المحرم بالولاية العامة وهو تخصيص لعموم النص بلا مخصص .

                                                                                                                                            قوله : ( بسرف ) بفتح المهملة وكسر الراء موضع معروف قوله : ( في الظلة ) بضم الظاء وتشديد اللام كل ما أظل من الشمس قوله ( التي بنى بها فيها ) أي : التي زفت إليه فيها قوله ( وهم ابن عباس ) هذا هو أحد الأجوبة التي أجاب بها الجمهور عن حديث ابن عباس




                                                                                                                                            الخدمات العلمية