الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      المعافى ( خ ، د ، س )

                                                                                      المعافى بن عمران بن نفيل بن جابر بن جبلة ، الإمام ، شيخ الإسلام ، ياقوتة العلماء أبو مسعود الأزدي الموصلي الحافظ . [ ص: 81 ]

                                                                                      ولد سنة نيف وعشرين ومائة .

                                                                                      وسمع هشام بن حسان ، وجعفر بن برقان ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وابن جريج ، وثور بن يزيد ، وسيف بن سليمان المكي ، وأفلح بن حميد ، وموسى بن عبيدة ، والأوزاعي ، وابن أبي عروبة ، وعمر بن ذر ، ومحل بن محرز الضبي ، والثوري ، ومسعر بن كدام ، وعبد الحميد بن جعفر ، ويونس بن أبي إسحاق ، ومالك بن مغول ، وخلقا من طبقتهم .

                                                                                      وكان من أئمة العلم والعمل ، قل أن ترى العيون مثله .

                                                                                      حدث عنه : موسى بن أعين ، وابن المبارك ، وبقية بن الوليد ، ووكيع بن الجراح ، - وهم من جيله - وبشر بن الحارث ، والحسن بن بشر ، وإبراهيم بن عبد الله الهروي ، ومحمد بن جعفر الوركاني ، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي ، وعبد الله بن أبي خداش ، ومحمد بن أبي سمينة ، ومسعود بن جويرية ، وهشام بن بهرام المدائني ، وأبو هاشم محمد بن علي الموصلي ، وولده أحمد بن المعافى ، وعبد الوهاب بن فليح المكي ، وموسى بن مروان الرقي ، وعدة .

                                                                                      وقد ساق الحافظ يزيد بن محمد الأزدي في " تاريخ الموصل " له ترجمة المعافى ، في عشرين ورقة ، فمن ذلك قال : حدثنا موسى بن هارون الزيات ، حدثنا أحمد بن عثمان ، سمعت أحمد بن داود الحداني ، حدثنا عيسى بن يونس قال : خرج علينا الأوزاعي ، ونحن ببيروت ، أنا ، والمعافى بن عمران ، وموسى بن أعين ومعه كتاب " السنن " لأبي خلتقمر ، فقال : لو كان هذا الخطأ في أمة ، لأوسعهم خطأ ، ثم قال يزيد بن محمد : صنف المعافى في الزهد والسنن والفتن والأدب وغير ذلك . [ ص: 82 ]

                                                                                      قال أحمد بن يونس : كان سفيان الثوري يقول : المعافى بن عمران ياقوتة العلماء .

                                                                                      وقال بشر بن الحارث : إني لأذكر المعافى اليوم ، فأنتفع بذكره ، وأذكر رؤيته فأنتفع .

                                                                                      وقال وكيع : حدثنا المعافى ، وكان من الثقات .

                                                                                      وعن بشر الحافي قال : كان ابن المبارك يقول : حدثني الرجل الصالح - يعني المعافى - .

                                                                                      وروى أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن سفيان الثوري قال : امتحنوا أهل الموصل بالمعافى .

                                                                                      ويروى عن الأوزاعي أنه قال : لا أقدم على المعافى الموصلي أحدا .

                                                                                      وقال محمد بن سعد : كان المعافى ثقة خيرا فاضلا صاحب سنة .

                                                                                      بشر بن الحارث : سمعت المعافى يقول : سمعت الثوري يقول : إذا لم يكن لله في العبد حاجة ، نبذه إلى السلطان .

                                                                                      قال بشر بن الحارث : كان المعافى يحفظ الحديث والمسائل ، سألته عن الرجل يقول للرجل : اقعد هنا ولا تبرح . قال : يجلس حتى يأتي وقت صلاة ، ثم يقوم .

                                                                                      وقال محمد بن عبد الله بن عمارة : رأيت المعافى بن عمران - ولم أر أفضل منه - يسأل عن تجصيص القبور ، فكرهه . [ ص: 83 ]

                                                                                      علي بن مضاء : حدثنا هشام بن بهرام ، سمعت المعافى يقول : القرآن كلام الله غير مخلوق .

                                                                                      وقال الهيثم بن خارجة : ما رأيت رجلا آدب من المعافى بن عمران ، وبلغنا أن المعافى كان أحد الأسخياء الموصوفين ، أفنى ماله الجود ، كان إذا جاءه مغله ، أرسل منه إلى أصحابه ما يكفيهم سنة ، وكانوا أربعة وثلاثين رجلا .

                                                                                      قلت : كان من وجوه الأزد .

                                                                                      قال بشر الحافي : كان المعافى في الفرح والحزن واحدا ، قتلت الخوارج له ولدين ، فما تبين عليه شيء ، وجمع أصحابه ، وأطعمهم ، ثم قال لهم : آجركم الله في فلان وفلان . رواها جماعة عن بشر .

                                                                                      وقال محمد بن عبد الله بن عمار : كنت عند عيسى بن يونس ، فقال : أسمعت من المعافى ؟ قلت : نعم . قال : ما أحسب أحدا رأى المعافى وسمع من غيره يريد بعلمه الله - تعالى - .

                                                                                      قال بشر بن الحارث : سمعت المعافى يقول : أجمع العلماء على كراهة السكنى - يعني ببغداد - .

                                                                                      وقيل لبشر : نراك تعشق المعافى . قال : وما لي لا أعشقه ، وقد كان سفيان الثوري يسميه الياقوتة .

                                                                                      قال علي بن حرب الطائي : رأيت المعافى أبيض الرأس واللحية ، عليه قميص غليظ وكمه يبين منه أطراف أصابعه .

                                                                                      قال يحيى بن معين : المعافى ثقة . [ ص: 84 ]

                                                                                      قال بشر الحافي : كان المعافى صاحب دنيا واسعة وضياع كثيرة ، قال مرة رجل : ما أشد البرد اليوم ، فالتفت إليه المعافى ، وقال : أستدفأت الآن ؟ لو سكت ، لكان خيرا لك .

                                                                                      قلت : قول مثل هذا جائز ، لكنهم كانوا يكرهون فضول الكلام ، واختلف العلماء في الكلام المباح ، هل يكتبه الملكان ، أم لا يكتبان إلا المستحب الذي فيه أجر ، والمذموم الذي فيه تبعة ؟ والصحيح كتابة الجميع لعموم النص في قوله تعالى : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ثم ليس إلى الملكين اطلاع على النيات والإخلاص ، بل يكتبان النطق ، وأما السرائر الباعثة للنطق ، فالله يتولاها .

                                                                                      وقد أوصى المعافى - رحمه الله - أولاده بوصية نافعة تكون نحوا من كراس .

                                                                                      وقد وقع لنا من عواليه ، وله مسند صغير سمعناه .

                                                                                      أخبرنا السيد الحافظ تاج الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد المحسن العلوي الغرافي ، بقراءتي عليه بالإسكندرية في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين وستمائة قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر بن خلف القطيعي قراءة عليه ببغداد في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ، وأنا في الخامسة ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن السري المجلد ( ح ) وأخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد الزاهد ، أخبرنا الإمام شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهروردي سنة عشرين وستمائة ، أخبرنا هبة الله بن أحمد القصار ، قالا : أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص ، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي ، حدثنا محمد - يعني ابن أبي سمينة - [ ص: 85 ] حدثنا المعافى بن عمران ، عن صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن أنس ، قال : كنت أسكب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضوءه عن جميع أزواجه في الليلة الواحدة .

                                                                                      هذا حديث حسن الإسناد ، أخرجه ابن ماجه من حديث وكيع عن صالح .

                                                                                      توفي المعافى فيما قاله سلمة بن أبي نافع ومحمد بن عبد الله بن عمار سنة خمس وثمانين ومائة . وقال الهيثم بن خارجة ، ورباح بن الجراح - شيخ لحاتم بن الليث : توفي سنة ست وثمانين ومائة وأما علي بن حسين الخواص ، فقال : مات سنة أربع وثمانين ومائة .

                                                                                      ومما رواه المعافى بن عمران ، عن سفيان ، عن حجاج بن فرافصة ، عن بديل ، قال : من عرف الله - عز وجل - ، أحبه ، ومن أبصر [ ص: 86 ] الدنيا ، زهد فيها ، والمؤمن لا يلهو حتى يغفل ، فإذا تذكر حزن .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية