الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا " قال المفسرون : لما أنكر مشركو قريش نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا ; فهلا بعث إلينا ملكا ! فنزلت هذه الآية ، والمعنى : أن الرسل كانوا مثلك آدميين ، إلا أنهم يوحى إليهم . وقرأ حفص عن عاصم : " نوحي " بالنون وكسر الحاء . " فاسألوا " يا معشر المشركين " أهل الذكر " وفيهم أربعة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : أنهم أهل التوراة والإنجيل ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أهل التوراة ، قاله مجاهد . والثالث : أهل القرآن ، قاله ابن زيد . والرابع : العلماء بأخبار من سلف ، ذكره الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله تعالى : " إن كنتم لا تعلمون " قولان :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : لا تعلمون أن الله تعالى بعث رسولا من البشر .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : لا تعلمون أن محمدا رسول الله ، فعلى القول الأول ، جائز أن [ ص: 450 ] يسأل من آمن برسول الله ومن كفر ، لأن أهل الكتاب والعلم بالسير متفقون على أن الأنبياء كلهم ، من البشر ، وعلى الثاني إنما يسأل من آمن من أهل الكتاب ، وقد روي عن مجاهد " فاسألوا أهل الذكر " قال : عبد الله بن سلام ، وعن قتادة ، قال : سلمان الفارسي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " بالبينات والزبر " في هذه " الباء " قولان :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، تقديره : وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا أرسلناهم بالبينات . والزبر : الكتب . وقد شرحنا هذا في (آل عمران :184) .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " وأنزلنا إليك الذكر " وهو القرآن بإجماع المفسرين " لتبين للناس ما نزل إليهم " [فيه] من حلال وحرام ، ووعد ووعيد " ولعلهم يتفكرون " في ذلك فيعتبرون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية