الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1425 - مسألة

                                                                                                                                                                                          : ومن هذا بيع الحامل بحملها إذا كانت حاملا من غير سيدها ، لأن الحمل خلقه الله عز وجل من مني الرجل ومني المرأة ودمها ، فهو بعض أعضائها وحشوتها ، ما لم ينفخ فيه الروح ، قال تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين } فبيعها بحملها كما هي جائز ، وهي وحملها للمشتري .

                                                                                                                                                                                          فإذا نفخ فيه الروح ، فقد اختلف أهل العلم ؟ فقالت طائفة : هو بعد ذلك غيرها ; لأنها أنثى ، وقد يكون الجنين ذكرا وهي فردة وقد يكون في بطنها اثنان ، وقد تكون هي كافرة وما في بطنها مؤمنا ، وقد يموت أحدهما ويعيش الآخر ، ويكون أحدهما معيبا والآخر صحيحا ، ويكون أحدهما أسود والآخر أبيض - ولو وجب عليها قتل لم تقتل هي حتى تلد .

                                                                                                                                                                                          فصح أنه غيرها ، فلا يجوز دخوله في بيعها - وهكذا في إناث سائر الحيوان - حاش اختلاف الدين فقط ، أو القتل فقط .

                                                                                                                                                                                          فقال آخرون : هو كذلك إلا أنه حتى الآن مما خلقه الله تعالى فيها وولده منها ، ولم يزايلها بعد ، فحكمه في البيع كما كان حتى يزايلها - وليس كونه غيرها ، وكون اسمه غير اسمها ، وصفاته غير صفاتها - : بمخرج له عما كان له من الحكم إلا بنص وارد في ذلك . وهذا النوى هو بلا شك غير التمر ، وإنما يقال : نوى التمر ، وصفاته غير صفات التمر ، واسمه غير اسم التمر - وكذلك قشر البيض أيضا .

                                                                                                                                                                                          وكذلك بيض ذات البيض قبل أن تبيضه ، وكل ذلك جائز بيعه كما هو لأن الله [ ص: 293 ] تعالى خلق كل ذلك كما هو وما زال الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعلمه يبيعون التمر ، ويتواهبونه .

                                                                                                                                                                                          ويبيعون البيض ويتهادونه من بيض الدجاج ، والضباب ، والنعام .

                                                                                                                                                                                          ويتبايعون العسل ويتهادونه ، كما يشترونه في شمعه .

                                                                                                                                                                                          ويتبايعون إناث الضأن ، والبقر ، والخيل ، والمعز ، والإبل ، والإماء والظباء - حوامل وغير حوامل - ويغنمون كل ذلك ويقتسمونهن ، ويتوارثونهن ويقتسمونهن كما هن ، فما جاء قط نص بأن للأولاد حكما آخر قبل الوضع ، فبيع الحامل بحملها جائز كما هو ما لم تضعه .

                                                                                                                                                                                          قال علي : وهذا هو الصواب عندنا وبه نقول ; لأنه كله باب واحد ، وعمل واحد - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية