الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - سبحانه -: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ؛ معناه: "أمر ربك" .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 234 ] وبالوالدين إحسانا ؛ أي: أمر أن يحسنوا بالوالدين؛ إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما ؛ ترفع "أحدهما"؛ بـ "يبلغن"؛ و"كلاهما"؛ عطف عليه؛ ويقرأ: "يبلغان عندك الكبر"؛ ويكون "أحدهما أو كلاهما"؛ بدلا من الألف.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: فلا تقل لهما أف ؛ في قوله: "أف"؛ سبع لغات: الكسر بغير تنوين؛ والكسر بتنوين؛ والضم بغير تنوين؛ وبتنوين؛ وكذلك الفتح بتنوين؛ وبغير تنوين؛ وفيها لغة أخرى سابعة لا يجوز أن يقرأ بها؛ وهي: "أفي"؛ بالياء؛ فأما الكسر فلالتقاء الساكنين؛ و"أف"؛ غير متمكن؛ بمنزلة الأصوات؛ فإذا لم تنون فهي معرفة؛ وإذا نون فهو نكرة؛ بمنزلة "غاق"؛ و"غاق"؛ في الأصوات؛ والفتح لالتقاء الساكنين أيضا؛ والفتح مع التضعيف حسن؛ لخفة الفتحة وثقل التضعيف؛ والضم لأن قبله مضموما حسن أيضا؛ والتنوين فيه كله على جهة النكرة.

                                                                                                                                                                                                                                        والمعنى: "لا تقل لهما كلاما تتبرم فيه بهما"؛ ومعنى "أف": النتن؛ وقيل: إن "أف": وسخ الأظفار؛ و"التف": الشيء الحقير؛ نحو وسخ الآذان؛ أو الشظية تؤخذ من الأرض؛ ومعنى الآية: "لا تقل لهما ما فيه أذى بتبرم"؛ أي: إذا كبرا؛ أو أسنا؛ فينبغي أن تتولى من خدمتهما مثل الذي توليا من القيام بشأنك وبخدمتك؛ ولا تنهرهما ؛ بمعنى: "لا تنتهرهما"؛ أي: لا تكلمهما ضجرا صائحا في أوجههما؛ يقال: "نهرته؛ أنهره؛ نهرا"؛ و"انتهرته؛ أنتهره؛ انتهارا"؛ بمعنى واحد.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية