الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

إعراب القرآن للنحاس

النحاس - أبو جعفر محمد بن إسماعيل النحاس

صفحة

جزء

وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال [46]

"إن " بمعنى "ما " ، وهذا يروى عن الحسن كذا ، وإن مثله : فإن كنت في شك مما أنـزلنا إليك وكذا : قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين وقد قيل في هاتين الآيتين غير ما قال ، وذلك في مواضعهما . وقرأ مجاهد : ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) بفتح اللام ورفع الفعل ، وبه قرأ الكسائي ، وكان محمد بن يزيد -فيما حكي عنه - يختار فيه قول قتادة ، قال : هذا لكفرهم ، مثل قوله -جل وعز - : تكاد السماوات يتفطرن منه قال أبو جعفر : وكان أبو إسحاق يذهب إلى أن [ ص: 373 ] هذا جاء على كلام العرب ؛ لأنهم يقولون : لو أنك بلغت كذا ما وصلت إلى شيء ، وإن كان لا تبلغه . وكذا في "إن" ، وأنشد سيبويه :

لئن كنت في جب ثمانين قامة ورقيت أسباب السماء بسلم

، وروي عن عمر وعلي وعبد الله -رضي الله عنهم - أنهم قرؤوا : ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) بالدال ورفع الفعل . والمعنى في هذا بين ، وإنما هو تفسير وليس بقراءة .

وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ [46]

"إِنْ " بِمَعْنَى "مَا " ، وَهَذَا يُرْوَى عَنِ الْحَسَنِ كَذَا ، وَإِنَّ مِثْلَهُ : فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ وَكَذَا : قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ وَقَدْ قِيلَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ غَيْرُ مَا قَالَ ، وَذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِمَا . وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَرَفْعِ الْفِعْلِ ، وَبِهِ قَرَأَ الْكِسَائِيُّ ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ -فِيمَا حُكِيَ عَنْهُ - يَخْتَارُ فِيهِ قَوْلَ قَتَادَةَ ، قَالَ : هَذَا لِكُفْرِهِمْ ، مِثْلُ قَوْلِهِ -جَلَّ وَعَزَّ - : تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ [ ص: 373 ] هَذَا جَاءَ عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : لَوْ أَنَّكَ بَلَغْتَ كَذَا مَا وَصَلْتَ إِلَى شَيْءٍ ، وَإِنْ كَانَ لَا تَبْلُغُهُ . وَكَذَا فِي "إِنْ" ، وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ :

لَئِنْ كُنْتُ فِي جُبٍّ ثَمَانِينَ قَامَةً وَرُقِّيتُ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ

، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ قَرَؤُوا : ( وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ ) بِالدَّالِ وَرَفْعِ الْفِعْلِ . وَالْمَعْنَى فِي هَذَا بَيِّنٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ تَفْسِيرٌ وَلَيْسَ بِقِرَاءَةٍ .

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث