الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: ولا يسألكم أموالكم فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: لا يسألكم أموالكم لنفسه.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لا يسألكم جميع أموالكم في الزكاة ولكن بعضها. [ ص: 307 ] الثالث: لا يسألكم أموالكم وإنما يسألكم أمواله ، لأنه أملك بها وهو المنعم بإعطائها. إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أن الإحفاء أخذ الجميع، قاله ابن زيد وقطرب.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه الإلحاح وإكثار السؤال، مأخوذ من الحفاء وهو المشي بغير حذاء، قاله ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أن معنى فيحفكم أي فيجدكم تبخلوا، قاله ابن عيينة. ويخرج أضغانكم يحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: يظهر بامتناعكم ما أضمرتموه من عدوانكم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: تظهرون عند مسألتكم ما أضمرتموه من عداوتكم.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم فيه أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: وإن تتولوا عن كتابي، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: عن طاعتي ، حكاه ابن أبي حاتم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: عن الصدقة التي أمرتم بها، قاله الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: عن هذا الأمر فلا تقبلونه، قاله ابن زيد. يستبدل قوما غيركم فيه ثلاثة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنهم أهل اليمن وهم الأنصار ، قاله شريح بن عبيد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنهم الفرس. روى أبو هريرة قال: لما نزل وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا [ ص: 308 ] أمثالكم كان سلمان إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا يستبدلوا بنا؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان وقال: (هذا وقومه، والذي نفسي بيده لو أن الدين معلق بالثريا لناله رجال من أبناء فارس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنهم من شاء من سائر الناس، قاله مجاهد . ثم لا يكونوا أمثالكم فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: يعني في البخل بالإنفاق في سبيل الله، قاله الطبري.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: في المعصية وترك الطاعة. وحكي عن أبي موسى الأشعري أنه لما نزلت هذه الآية فرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (هي أحب إلي من الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية