الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (76) وقرأ العامة : " وعاء " بكسر الواو ، وقرأ الحسن بضمها ، وهي لغة نقلت عن نافع أيضا . وقرأ سعيد بن جبير " من إعاء " بإبدال الواو همزة ، وهي لغة هذيلية : يبدلون من الواو المكسورة أول الكلمة همزة فيقولون : [ ص: 533 ] إشاح وإسادة وإعاء في : وشاح ووسادة ووعاء . وقد تقدم ذلك في الجلالة المعظمة أول هذا الموضع .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ثم استخرجها في الضمير المنصوب قولان ، أحدهما : أنه عائد على الصواع ، لأن فيه التذكير والتأنيث كما تقدم . وقيل : بل لأنه حمل على معنى السقاية . وقال أبو عبيد : " يؤنث الصواع من حيث يسمى " سقاية " ، ويذكر من حيث هو صواع " . قالوا : وكأن أبا عبيد لم يحفظ في الصواع التأنيث . وقال الزمخشري : " قالوا : رجع بالتأنيث على السقاية " ثم قال : " ولعل يوسف كان يسميه " سقاية " وعبيده " صواعا " فقد وقع فيما يتصل به من الكلام سقاية ، وفيما يتصل بهم صواع " . قلت : هذا الأخير حسن .

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني : أن الضمير عائد على السرقة . وفيه نظر ؛ لأن السرقة لا تستخرج ، إلا بمجاز .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : كذلك كدنا الكلام في الكاف كالكلام فيما قبلها أي : مثل ذلك الكيد العظيم كدنا ليوسف أي : علمناه إياه . وقوله : ما كان ليأخذ تفسير للكيد وبيان له ، وذلك أنه كان في دين ملك مصر أن يغرم السارق مثلي ما أخذ ، لا أنه يلزم ويستعبد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : إلا أن يشاء الله فيه وجهان أحدهما : أنه استثناء منقطع تقديره : ولكن بمشيئة الله أخذه في دين غير الملك ، وهو دين آل يعقوب : أن الاسترقاق جزاء السارق . الثاني : أنه مفرغ من الأحوال العامة ، والتقدير : ما كان ليأخذه في كل حال إلا في حال التباسه بمشيئة الله أي إذنه في ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 534 ] وكلام ابن عطية محتمل فإنه قال : " والاستثناء حكاية حال ، التقدير : إلا أن يشاء الله ما وقع من هذه الحيلة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القراءتان في نرفع درجات من نشاء في الأنعام . وقرأ يعقوب بالياء من تحت في " يرفع " و " يشاء " ، والفاعل الله تعالى : وقرأ عيسى البصرة " نرفع " بالنون " درجات " منونة ، " يشاء " بالياء . قال صاحب " اللوامح " : " وهذه قراءة مرغوب عنها تلاوة وجملة ، وإن لم يمكن إنكارها " قلت : وتوجيهها : أنه التفت في قوله " يشاء " من التكلم إلى الغيبة ، والمراد واحد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : وفوق كل ذي علم عليم قرأ عبد الله بن مسعود " وفوق كل ذي عالم " وفيها ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكون " عالم " هنا مصدرا ، قالوا : مثل " الباطل " فإنه مصدر فهي كالقراءة المشهورة . الثاني : أن ثم مضافا محذوفا تقديره : وفوق كل ذي مسمى عالم ، كقول لبيد :


                                                                                                                                                                                                                                      2812 - إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      أي : مسمى السلام . الثالث : أن " ذو " زائدة ، كقول الكميت : [ ص: 535 ]

                                                                                                                                                                                                                                      2813 - إليكم ذوي آل النبي      ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      البيت .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية