الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1849 ) فصل : وعلى الخارص أن يترك في الخرص الثلث أو الربع ، توسعة على أرباب الأموال ; لأنهم يحتاجون إلى الأكل هم وأضيافهم ، ويطعمون جيرانهم وأهلهم وأصدقاءهم وسؤالهم . ويكون في الثمرة السقاطة ، وينتابها الطير وتأكل منه المارة ، فلو استوفى الكل منهم أضر بهم . وبهذا قال إسحاق ، ونحوه قال الليث ، وأبو عبيد .

                                                                                                                                            والمرجع في تقدير المتروك إلى الساعي باجتهاده ، فإن رأي الأكلة كثيرا ترك الثلث ، وإن كانوا قليلا ترك الربع ; لما روى سهل بن أبي حثمة { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث ، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع } . رواه أبو عبيد ، وأبو داود ، والنسائي ، والترمذي . وروى أبو عبيد ، بإسناده عن مكحول ، قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث الخراص قال : خففوا على الناس ، فإن في المال العرية والواطئة والأكلة } . قال أبو عبيد : الواطئة : السابلة سموا بذلك لوطئهم بلاد الثمار مجتازين . والأكلة : أرباب الثمار وأهلوهم ، ومن لصق بهم . ومنه حديث سهل في مال سعد بن أبي سعد ، حين قال : لولا أني وجدت فيه أربعين عريشا ، لخرصته تسعمائة وسق ، وكانت تلك العرش لهؤلاء الأكلة . والعرية : النخلة أو النخلات يهب إنسانا ثمرتها .

                                                                                                                                            فجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : ليس في العرايا صدقة } . وروى ابن المنذر ، عن عمر رضي الله عنه أنه قال لسهل بن أبي حثمة : إذا أتيت على نخل قد حضرها قوم ، فدع لهم ما يأكلون . والحكم في العنب كالحكم في النخيل سواء ، فإن لم يترك لهم الخارص شيئا ، فلهم الأكل بقدر ذلك ، ولا يحتسب عليهم به .

                                                                                                                                            نص عليه ; لأنه حق لهم ، فإن لم يخرج الإمام خارصا فاحتاج رب المال إلى التصرف في الثمرة ، فأخرج خارصا ، جاز أن يأخذ بقدر ذلك . ذكره القاضي . وإن خرص هو وأخذ بقدر ذلك ، جاز ويحتاط في أن لا يأخذ أكثر مما له أخذه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية