الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور ( 17 ) وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين ( 18 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( ذلك جزيناهم بما كفروا ) أي : ذلك الذي فعلنا بهم جزيناهم بكفرهم ( وهل نجازي إلا الكفور ) قرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص ، ويعقوب : " وهل نجازي " بالنون وكسر الزاي ، " الكفور " نصب لقوله : " ذلك جزيناهم " ، وقرأ الآخرون بالياء وفتح الزاي ، " الكفور " رفع ، أي : وهل يجازى مثل هذا الجزاء إلا الكفور .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد : يجازى أي : يعاقب . ويقال في العقوبة : يجازي ، وفي المثوبة يجزي .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقاتل : هل يكافأ بعمله السيء إلا الكفور لله في نعمه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الفراء : المؤمن يجزى ولا يجازى ، أي : يجزى للثواب بعمله ولا يكافأ بسيئاته . ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ) بالماء والشجر ، هي قرى الشام ( قرى ظاهرة ) متواصلة تظهر الثانية من الأولى لقربها منها ، وكان متجرهم من اليمن إلى الشام فكانوا يبيتون بقرية ويقيلون بأخرى وكانوا لا يحتاجون إلى حمل زاد من سبأ إلى الشام .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : كانت قراهم أربعة آلاف وسبعمائة قرية متصلة من سبأ إلى الشام .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وقدرنا فيها السير ) أي : قدرنا سيرهم بين هذه القرى ، وكان مسيرهم في الغدو والرواح على قدر نصف يوم ، [ فإذا ساروا نصف يوم ] وصلوا إلى قرية ذات مياه وأشجار .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 396 ] وقال قتادة : كانت المرأة تخرج ومعها مغزلها ، وعلى رأسها مكتلها فتمتهن بمغزلها فلا تأتي بيتها حتى يمتلىء مكتلها من الثمار ، وكان ما بين اليمن والشام كذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      ( سيروا فيها ) أي : وقلنا لهم سيروا فيها ، وقيل : هو أمر بمعنى الخبر أي : مكناهم من السير فكانوا يسيرون فيها ( ليالي وأياما ) أي : بالليالي والأيام في أي وقت شئتم ) ( آمنين ) لا تخافون عدوا ولا جوعا ولا عطشا ، فبطروا وطغوا ولم يصيروا على العافية ، وقالوا : لو كانت جناتنا أبعد مما هي كان أجدر أن نشتهيه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية