الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1853 ) فصل : وإن احتيج إلى قطع الثمرة قبل كمالها ، خوفا من العطش ، أو لضعف الجمار ، جاز قطعها ; لأن حق الفقراء إنما يجب على طريق المواساة ، فلا يكلف الإنسان من ذلك ما يهلك أصل ماله ، ولأن حفظ الأصل أحفظ للفقراء من حفظ الثمرة ، لأن حقهم يتكرر بحفظها في كل سنة ، فهم شركاء في النخل . ثم إن كان يكفي تجفيف الثمرة دون قطع جميعها ، جففها ، وإن لم يكف إلا قطع جميعها ، جاز . وكذلك إن أراد قطع الثمرة لتحسين الباقي منها جاز .

                                                                                                                                            وإذا أراد ذلك ، فقال القاضي : يخير الساعي بين أن يقاسم رب المال الثمرة قبل الجداد بالخرص ، ويأخذ نصيبهم نخلة مفردة ، ويأخذ ثمرتها ، وبين أن يجذها ، ويقاسمه إياها بالكيل ، ويقسم الثمرة في الفقراء ، وبين أن يبيعها من رب المال أو من غيره قبل الجداد أو بعده ، ويقسم ثمنها في الفقراء . وقال أبو بكر : عليه الزكاة فيه يابسا . وذكر أن أحمد نص عليه . وكذلك الحكم في العنب الذي لا يجيء منه زبيب ، كالخمري ، والرطب الذي لا يجيء منه تمر جيد ، كالبرنبا والهلياث .

                                                                                                                                            فإن قيل : فهلا قلتم لا زكاة فيه ; لأنه لا يدخر ، فهو كالخضراوات ، وطلع الفحال . قلنا : لأنه يدخر في الجملة ، وإنما لم يدخر هاهنا ، لأن أخذه رطبا أنفع ، فلم تسقط منه الزكاة بذلك ، ولا تجب فيه الزكاة حتى يبلغ حدا يكون منه خمسة أوسق تمرا أو زبيبا ، إلا على الرواية الأخرى . وإذا أتلف رب المال هذه الثمرة ، فقال القاضي : عليه قيمتها ، كما لو أتلفها غير رب المال .

                                                                                                                                            وعلى قول [ ص: 305 ] أبي بكر : يجب في ذمته العشر تمرا ، أو زبيبا ، كما في غير هذه الثمرة . قال : فإن لم يجد التمر ، ففيه قولان : أحدهما ، يؤخذ منه قيمته . والثاني : يكون في ذمته ، وعليه أن يأتي به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية