الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 54 ] باب بيع العرايا

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه وعن بيع التمر بالتمر } قال عبد الله وحدثنا زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في العرايا : أخبرنا الربيع قال : أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار { عن إسماعيل الشيباني أو غيره قال بعت ما في رءوس نخلي بمائة وسق إن زاد فلهم ، وإن نقص فعليهم فسألت ابن عمر فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا إلا أنه أرخص في بيع العرايا } .

( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت { أن رسول الله صلى الله تعالى وسلم أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها } .

( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة { أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أرخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق } ، شك داود قال خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق .

( قال الشافعي ) : وقيل لمحمود بن لبيد أو قال محمود بن لبيد لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إما زيد بن ثابت وإما غيره ما عراياكم هذه ؟ قال فلان وفلان وسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يتبايعون به رطبا يأكلونه مع الناس وعندهم فضول من قوتهم من التمر فرخص لهم أن يتبايعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها رطبا .

( قال ) : وحديث سفيان يدل على مثل هذا الحديث .

( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار قال سمعت سهل بن أبي حثمة يقول { نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن بيع التمر بالتمر إلا أنه رخص في العرية أن تباع بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا } .

( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { نهى عن المزابنة } والمزابنة بيع التمر بالتمر إلا أنه أرخص في العرايا .

( قال الشافعي ) : والأحاديث قبله تدل عليه إذا كانت العرايا داخلة في بيع الرطب بالتمر ، وهو منهي عنه في المزابنة وخارجة من أن يباع مثلا بمثل بالكيل فكانت داخلة في معان منهي عنها كلها خارجة منه منفردة بخلاف حكمه إما بأن لم يقصد بالنهي قصدها وإما بأن أرخص فيها من جملة ما نهى عنه والمعقول فيها أن يكون أذن لمن لا يحل له أن يبتاع بتمر من النخل ما يستجنيه رطبا كما يبتاعه بالدنانير والدراهم فيدخل في معنى الحلال أو يزايل معنى الحرام وقوله صلى الله عليه وسلم { يأكلها أهلها رطبا } خبر أن مبتاع العرية يبتاعها ليأكلها يدل على أنه لا رطب له في موضعها يأكله غيرها ولو كان صاحب الحائط هو المرخص له أن يبتاع العرية ليأكلها كان له حائطه معها أكثر من العرايا فأكل من حائطه ولم يكن عليه ضرر إلى أن يبتاع العرية التي هي داخلة في معنى ما وصفت من النهي

التالي السابق


الخدمات العلمية