الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 433 ] 148 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله في الصلاة على الميت مخلوطا بالدعاء له : ولا نعلم إلا خيرا

975 - حدثنا أبو أمية وإبراهيم بن أبي داود قالا : حدثنا أبو عمر الحوضي ، حدثنا همام بن يحيى ، حدثنا ليث ، عن علقمة بن مرثد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الصلاة : اللهم اغفر لأحيائنا وأمواتنا وأصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا ، اللهم هذا عبدك فلان بن فلان ولا نعلم إلا خيرا وأنت أعلم به فاغفر لنا وله ، فقلت أنا وكنت أصغر القوم : فإن لم يكن يعلم خيرا قال : فلا يقول إلا ما يعلم } .

فكان ما في هذا الحديث من قوله : ولا نعلم إلا خيرا ، من ما يحتاج إلى كشفه ليوقف على معناه ، فكشفنا حتى وقفنا على ذلك لسؤال الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ما سأله فيه ، ولجواب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه عنه بما أجابه عنه فيه .

والحارث هذا عندنا ، والله أعلم ، هو أبو قتادة الأنصاري وهو [ ص: 434 ] الحارث بن ربعي ، وابنه المذكور فيه هو عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري الذي روى عنه يحيى بن أبي كثير الأحاديث الأول التي ذكرناها في الباب الذي قبل هذا الباب ، ونحن نعلم لو لم يكن من سؤال الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ما سأله عنه في هذا الحديث ومن جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل فيه : ولا نعلم إلا خيرا ، أنه لم يكن قال ذلك وهو يعلم منه غير الخير .

وقد كان ميمون بن مهران في صلاته على من يعلم منه غير الخير يقول فيها ما .

حدثنا فهد ، حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، حدثنا أبو المليح ، عن الحسن بن عمرو الرقي ، عن ميمون بن مهران قال : إذا صليت على من يتهم من أهل الأهواء فتكتفي أن تقول : ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ... إلى آخر الآية .

وإذا صليت على من تحب فاجتهد في الدعاء .

قال أبو جعفر : وأهل الأهواء هؤلاء هم الذين لا يخرجون بها من الإسلام ولا يمنعهم وإن كانوا مذمومين بها من الصلاة عليهم كما يصلى على من سواهم من المذمومين من أهل الإسلام كما قد صلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأمره على من غل في سبيل الله مما ذكرناه فيما تقدم في كتابنا هذا ، فأما من كان على شيء من الأهواء من ما يخرج من الإسلام فلا يصلى عليه فإنه ليس من أهل الأديان التي يصلى على أهلها ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية