الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار ؛ [ ص: 236 ] يعني: لم يتوبوا قبل موتهم من كفرهم؛ أولئك عليهم لعنة الله؛ واللعنة هي إبعاد الله؛ وإبعاده عذابه. وقوله - عز وجل -: والملائكة والناس أجمعين ؛ المعنى: لعنة الملائكة؛ ولعنة الناس أجمعين؛ فإن قال قائل: كيف يلعنه الناس أجمعون؟ وأهل دينه لا يلعنونه؟ قيل له: إنهم يلعنونه في الآخرة؛ كما قال - عز وجل -: ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ؛ وقرأ الحسن: " أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " ؛ وهو جيد في العربية؛ إلا أني أكرهه لمخالفته المصحف؛ والقراءة إنما ينبغي أن يلزم فيها السنة؛ ولزوم السنة فيها أيضا أقوى عند أهل العربية؛ لأن الإجماع في القراءة إنما يقع على الشيء الجيد البالغ؛ ورفع " الملائكة " ؛ في قراءة الحسن على تأويل: " أولئك جزاؤهم أن لعنهم الله والملائكة " ؛ فعطف الملائكة على موضع إعراب " الله " ؛ في التأويل؛ ويجوز على هذا: " عجبت من ضرب زيد وعمرو؛ ومن قيامك وأخوك " ؛ المعنى: " عجبت من أن ضرب زيد وعمرو؛ ومن أن قمت أنت وأخوك " ؛ ومعنى " خالدين فيها " ؛ أي: في اللعنة؛ وخلودهم فيها خلود في العذاب.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية