الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
" فصل فيمن لا يجب عليه الجهاد "

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي : " فلما فرض الله (عز وجل ) الجهاد - : دل في كتابه ، ثم على لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم ) : أن ليس يفرض الجهاد على مملوك ، أو أنثى : بالغ ؛ ولا حر : لم يبلغ ".

" لقول الله عز وجل : ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) فكان حكم أن لا مال للمملوك ؛ ولم يكن مجاهد إلا : وعليه في الجهاد ، مؤنة : من المال ؛ ولم يكن للمملوك مال ".

[ ص: 22 ] " وقال (تعالى ) لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( حرض المؤمنين على القتال ) ؛ فدل : على أنه أراد بذلك : الذكور ، دون الإناث . لأن الإناث : المؤمنات . وقال تعالى : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) وقال : ( كتب عليكم القتال ) ؛ وكل هذا يدل : على أنه أراد [به ] : الذكور ، دون الإناث ".

" وقال عز وجل - : إذ أمر بالاستئذان . - : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ) ؛ فأعلم : أن فرض الاستئذان ، إنما هو : على البالغين . وقال تعالى : ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) ؛ فلم يجعل لرشدهم حكما : تصير به أموالهم إليهم ؛ إلا : بعد البلوغ . فدل : على أن الفرض في العمل ، إنما هو : على البالغين ".

[ ص: 23 ] " ودلت السنة ، ثم ما لم أعلم فيه مخالفا - : من أهل العلم . - : على مثل ما وصفت ". . وذكر حديث ابن عمر في ذلك .

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (رحمه الله ) : " قال الله (جل ثناؤه ) في الجهاد : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ) ؛ إلى : ( وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون ) ؛ وقال عز وجل : ( ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ) ".

[ ص: 24 ] " قال الشافعي : وقيل : الأعرج : المقعد . والأغلب : أن العرج في الرجل الواحدة ".

" وقيل : نزلت [في ] أن لا حرج عليهم : أن لا يجاهدوا ".

" وهو : أشبه ما قالوا ، وغير محتملة غيره . وهم : داخلون في حد الضعفاء ، وغير خارجين : من فرض الحج ، ولا الصلاة ، ولا الصوم ، ولا الحدود . فلا يحتمل (والله أعلم ) : أن يكون أريد بهذه الآية ، إلا : وضع الحرج : في الجهاد ؛ دون غيره : من الفرائض ". .

وقال فيما بعد غزوه عن المغازي - وهو : ما كان على الليلتين [ ص: 25 ] فصاعدا . - : " إنه لا يلزم القوي السالم البدن كله : إذا لم يجد مركبا وسلاحا ونفقة ؛ ويدع لمن يلزمه نفقته ، قوته : إلى قدر ما يرى أنه يلبث في غزوه . وهو : ممن لا يجد ما ينفق . قال الله عز وجل : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ) ". .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية