الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: إن الذين ينادونك من وراء الحجرات الآية. اختلف في سبب نزولها ، فروى معمر عن قتادة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فناداه من وراء الحجرة: يا محمد ، إن مدحي زين وشتمي شين ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ويلك ذاك الله ، ذاك الله فأنزل الله هذه الآية ، فهذا قول. وروى زيد بن أرقم قال: أتى ناس النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ، فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس باتباعه وإن يكن ملكا نعش في جنابه ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه ، وهو في [ ص: 328 ] حجرته يا محمد ، فأنزل الله هذه الآية. قيل: إنهم كانوا من بني تميم. قال مقاتل: كانوا تسعة نفر: قيس بن عاصم ، والزبرقان بن بدر ، والأقرع بن حابس ، وسويد بن هشام ، وخالد بن مالك ، وعطاء بن حابس ، والقعقاع بن معبد ، ووكيع بن وكيع ، وعيينة بن حصن.

                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله أكثرهم لا يعقلون وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: لا يعلمون ، فعبر عن العلم بالعقل لأنه من نتائجه ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لا يعقلون أفعال العقلاء لتهورهم وقلة أناتهم ، وهو محتمل. والحجرات جمع حجر; والحجر جمع حجرة. ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: لكان أحسن لأدبهم في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لأطلقت أسراهم بغير فداء ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سبى قوما من بني العنبر ، فجاءوا في فداء سبيهم وأسراهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية