الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 386 ] الباب العاشر

                                                                                                                في

                                                                                                                الإقرار

                                                                                                                أقر فلان بن فلان عند شهوده إقرارا صحيحا شرعيا أن في ذمته بحق صحيح شرعي لفلان بن فلان من العين الجيد المصري الذهب الأحمر المضروب المسكوك السلطاني كذا دينارا ، أو من الدراهم النقرة الفضة الجيدة البيضاء المسكوكة السلطانية المتعامل بها في الديار الفلانية كذا درهما ، وتصف أي شيء أقر به بما يليق ، ثم تقول : النصف من ذلك تحقيقا لأصله ، وتصحيحا لجملته ، كذا ويقوم به مؤجلا في سلخ كل يوم كذا من استقبال كذا ، أو يقوم به مؤجلا في سلخ الشهر الفلاني من السنة الفلانية ، جملة واحدة ، وأقر المقر المذكور أنه مليء بالعين المعين فيه ، قادر عليه ، وفائدة هذا : أن لا تقبل منه بعد هذا دعوى الإعسار إلا ببينة ، وإلا فالقول قوله على قول جماعة من العلماء ، ثم تقول : وصدق المقر له المذكور في صحة ما أقر به تصديقا صحيحا شرعيا ، وتكتب في الغلة : أنها محمولة إلى موضع كذا ; ليلا يختلفا بعد ذلك ، فإن كان ثمن مبيع كتبت في آخر المسطور : وهذا الدين المقر به أعلاه هو ثمن ما ابتاعه المقر المذكور وتسلمه منه ، وهو جميع الدار الفلانية ، وتوصف وتحدد ، الجارية في يده وملكه على ما ذكر بعد النظر والمعرفة والمعاقدة الشرعية والتفرق بالأبدان عن تراض ، وتؤرخ ، وإن كان المقر جماعة وتضامنوا قلت : وضمن كل واحد منهما ما في ذمة الآخر من ذلك للمقر له فيه على حكمه ، فأذن كل منهما للآخر في الضمان والأداء والرجوع ، وأقرا أنهما مليان بما ضمناه ، قادران عليه ; لأن مذهب ( ش ) إذا لم يأذن له في الضمان لا يرجع عليه ، وإن حضر من يضمن قلت : وحضر بحضور [ ص: 387 ] المقر المذكور فلان بن فلان ، وأشهد عليه طوعا أنه ضمن في ذمة المقر المذكور وهو الدين المعين أعلاه على حكمه ، وإن كان مؤجلا كتبت : يقوم به بعد انقضاء شهر واحد من يوم تاريخه ، وإن ضمن بغير إذن كتبت : ضمن متبرعا من غير إذن عدل من المضمون له في ذلك ، وأقر أنه مليء بذلك ، وإن ضمن الوجه فقط كتبت : وحضر بحضور المقر المذكور فلان بن فلان وأشهد عليه طوعا واختيارا أنه ضمن وتكفل وجه وبدن المقر المذكور فلان بن فلان ، وإحضاره إلى المقر له فيه ضمانا شرعيا متى التمس إحضاره منه في سائر الأوقات ، واختلاف الساعات في الليل والنهار ، والصباح والمساء ، إلى حيز وفاء الدين أو لمدة معلومة ، وذلك بإذنه له في الضمان الإذن الشرعي ، قال للذي يملي على الوثاق ، وهو الذي عليه الحق ، لقوله تعالى : ( وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا ) ولأنه مطلوب فكان القول قوله ، وفي قوله تعالى : ( ولا يبخس منه شيئا ) دليل على جواز العقد بغير بينة ، ثم يشهد بعد ذلك ، وقوله تعالى : ( فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل ) قيل : الهاء في " وليه " عائدة على الذي له الحق ، وقيل : على ولي المطلوب ، وقيل : السفيه الجاهل بالأشياء ، وقيل : المبذر ، وقيل : الضعيف العاجز عن الإملاء ، وقيل : الأحمق الضعيف عقله ، والذي لا يستطيع لغيبة أو عذر ، ويحتمل في السفيه أنه باشر العقد ، أو وليه عقد فهو أولى ; لأنه تصرف مأذون فيه ، وولي الضعيف وكيله .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية