الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
فصل: اختلف العلماء هل التفسير والتأويل بمعنى أم يختلفان، فذهب قوم يميلون إلى العربية أنهما بمعنى، -قال- [ ص: 265 ] وهذا قول جمهور المفسرين من المتقدمين.

وذهب قوم يميلون إلى الفقه إلى اختلافهما، فقالوا: التفسير: إخراج الشيء من مقام الخفاء إلى مقام التجلي.

والتأويل: نقل الكلام عن وضعه إلى ما لا يحتاج في إثباته إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ، فهو مأخوذ من قولك: آل الشيء إلى كذا، أي صار إليه.

ثم قال: في آية آل عمران: قال: وفي التأويل وجهان.

أحدهما: أنه التفسير. والثاني: أنه العاقبة المنتظرة والراسخ الثابت، فهل يعلم الراسخون تأويله أم لا؟ فيه قولان.

أحدهما: أنهم لا يعلمونه، وأنهم آمنوا به، وقد روى طاوس، عن ابن عباس أنه قرأ: (ويقول الراسخون في العلم آمنا به) وإلى [ ص: 266 ] هذا المعنى ذهب ابن مسعود، وأبي بن كعب، وابن عباس، وعروة بن الزبير، وقتادة، وعمر بن عبد العزيز، [ ص: 267 ] والفراء، وأبو عبيد، وثعلب، وابن الأنباري، والجمهور.

قال ابن الأنباري في قراءة عبد الله: (إن تأويله إلا عند الله) وفي قراءة أبي وابن عباس (ويقول الراسخون).

قال: وقد أنزل الله في كتابه أشياء استأثر بعلمها، كقوله تعالى: قل إنما علمها عند ربي [الأعراف: 187]. وقوله تعالى: [ ص: 268 ] وقرونا بين ذلك كثيرا [الفرقان: 38]. فنزل الله المجمل ليؤمن به المؤمن فيسعد به، ويكفر به الكافر فيشقى.

قال: الثاني: أنهم يعلمون، فهم داخلون في الاستثناء، وقد روى مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنا ممن يعلم تأويله.

وهذا قول مجاهد والربيع، واختاره ابن قتيبة، وأبو سليمان الدمشقي. [ ص: 269 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية