الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين

                                                                                                                                                                                                كانوا يستعجلون عذاب الله وآياته الملجئة إلى العلم والإقرار ، ويقولون متى هذا الوعد : فأراد نهيهم عن الاستعجال وزجرهم ، فقدم أولا ذم الإنسان على إفراط العجلة ، وأنه مطبوع عليها ، ثم نهاهم وزجرهم ، كأنه قال : ليس ببدع منكم أن تستعجلوا ؛ فإنكم مجبولون على ذلك وهو طبعكم وسجيتكم ، وعن ابن عباس -رضي الله عنه - : أنه أراد بالإنسان آدم -عليه السلام- وأنه حين بلغ الروح صدره ولم يتبالغ فيه أراد أن يقوم ، وروي أنه لما دخل الروح في عينه نظر إلى ثمار الجنة ، ولما دخل جوفه اشتهى الطعام ، وقيل : خلقه الله -تعالى- في آخر النهار يوم الجمعة قبل غروب الشمس ، فأسرع في خلقه قبل مغيبها ، وعن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه النضر بن الحارث ، والظاهر : أن المراد الجنس ، وقيل : "العجل " : الطين ، بلغة حمير ؛ وقال شاعرهم : [من البسيط ]


                                                                                                                                                                                                والنخل ينبت بين الماء والعجل



                                                                                                                                                                                                والله أعلم بصحته .

                                                                                                                                                                                                [ ص: 146 ] فإن قلت : لم نهاهم عن الاستعجال مع قوله : خلق الإنسان من عجل وقوله : وكان الإنسان عجولا ، أليس هذا من تكليف ما لا يطاق ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : هذا كما ركب في الشهوة وأمره أن يغلبها ؛ لأنه أعطاه القدرة التي يستطيع بها قمع الشهوة وترك العجلة ، وقرئ : "خلق الإنسان " .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية