الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              15131 حدثنا يونس بن محمد قال حدثني يحيى بن عبد الرحمن العصري حدثنا شهاب بن عباد أنه سمع بعض وفد عبد القيس وهم يقولون قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتد فرحهم بنا فلما انتهينا إلى القوم أوسعوا لنا فقعدنا فرحب بنا النبي صلى الله عليه وسلم ودعا لنا ثم نظر إلينا فقال من سيدكم وزعيمكم فأشرنا بأجمعنا إلى المنذر بن عائذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم أهذا الأشج وكان أول يوم وضع عليه هذا الاسم بضربة لوجهه بحافر حمار قلنا نعم يا رسول الله فتخلف بعد القوم فعقل رواحلهم وضم متاعهم ثم أخرج عيبته فألقى عنه ثياب السفر ولبس من صالح ثيابه ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد بسط النبي صلى الله عليه وسلم رجله واتكأ فلما دنا منه الأشج أوسع القوم له وقالوا هاهنا يا أشج فقال النبي صلى الله عليه وسلم واستوى قاعدا وقبض رجله هاهنا يا أشج فقعد عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم فرحب به وألطفه وسأله عن بلاده وسمى له قرية قرية الصفا والمشقر وغير ذلك من قرى هجر فقال بأبي وأمي يا رسول الله لأنت أعلم بأسماء قرانا منا فقال إني قد وطئت بلادكم وفسح لي فيها قال ثم أقبل على الأنصار فقال يا معشر الأنصار أكرموا إخوانكم فإنهم أشباهكم في الإسلام أشبه شيئا بكم أشعارا وأبشارا أسلموا طائعين غير مكرهين ولا موتورين إذ أبى قوم أن يسلموا حتى قتلوا قال فلما أن أصبحوا قال كيف رأيتم كرامة إخوانكم لكم وضيافتهم إياكم قالوا خير إخوان ألانوا فراشنا وأطابوا مطعمنا وباتوا وأصبحوا يعلمونا كتاب ربنا تبارك وتعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم فأعجبت النبي صلى الله عليه وسلم وفرح بها ثم أقبل علينا رجلا رجلا فعرضنا عليه ما تعلمنا وعلمنا فمنا من علم التحيات وأم الكتاب والسورة والسورتين والسنن ثم أقبل علينا بوجهه فقال هل معكم من أزوادكم شيء ففرح القوم بذلك وابتدروا رحالهم فأقبل كل رجل منهم معه صرة من تمر فوضعوها على نطع بين يديه فأومأ بجريدة في يده كان يختصر بها فوق الذراع ودون الذراعين فقال أتسمون هذا التعضوض قلنا نعم ثم أومأ إلى صرة أخرى فقال أتسمون هذا الصرفان قلنا نعم ثم أومأ إلى صرة فقال أتسمون هذا البرني قلنا نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه خير تمركم وأنفعه لكم قال فرجعنا من وفادتنا تلك فأكثرنا الغرز منه وعظمت رغبتنا فيه حتى صار معظم نخلنا وتمرنا البرني فقال الأشج يا رسول الله إن أرضنا أرض ثقيلة وخمة وإنا إذا لم نشرب هذه الأشربة هيجت ألواننا وعظمت بطوننا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشربوا في الدباء والحنتم والنقير وليشرب أحدكم في سقاء يلاث على فيه فقال له الأشج بأبي وأمي يا رسول الله رخص لنا في مثل هذه وأومأ بكفيه فقال يا أشج إني إن رخصت لك في مثل هذه وقال بكفيه هكذا شربته في مثل هذه وفرج يديه وبسطها يعني أعظم منها حتى إذا ثمل أحدكم [ ص: 433 ] من شرابه قام إلى ابن عمه فهزر ساقه بالسيف وكان في الوفد رجل من بني عضل يقال له الحارث قد هزرت ساقه في شراب لهم في بيت تمثله من الشعر في امرأة منهم فقام بعض أهل ذلك البيت فهزر ساقه بالسيف فقال الحارث لما سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت أسدل ثوبي فأغطي الضربة بساقي وقد أبداها الله تبارك وتعالى

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية