الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      السادس عشر : سؤال التعدية وأدرجه الهندي في سؤال المعارضة في الأصل ، وهي أن يعين المعترض [ ص: 428 ] في الأصل معنى غير ما عينه ، ويعارض به ، ثم يقول للمستدل : ما عللت به وإن تعدى إلى الفرع المختلف فيه ، فكذا ما عللت به يتعدى إلى فرع آخر مختلف فيه وليس أحدهما أولى من الآخر . كقولنا : بكر فجاز إجبارها كالصغيرة . فيقال : والبكارة وإن تعدت للبكر البالغ فالصغر متعد إلى الثيب الصغيرة . وهذا أيضا اختلف فيه ، والحق أنه لا يخرج عن سؤال المعارضة في الأصل مع زيادة التسوية في التعدية . وجوابه إبطال ما عارض به ، وحذفه عن درجة الاعتبار ، وهل على المستدل أن يبين أنه لا أثر لما أشار إليه المعترض من التسوية في التعدية أو لا يجب ؟

                                                      قال الأكثرون : لا يجب . وقال أبو القاسم الداركي رحمه الله : بل للتسوية في التعدية أثر في المعارضة فلا بد من التعرض لإبطاله . ولخص الإبياري شارح " البرهان " سر التعدية فحمل الأمر إلى أن سرها التبري من عهدة النسبة إلى العناد بإيراد وصف لا يعتقد اعتباره ، فعداه المعترض إلى فروعه حتى يبين أنه يعتقد ذلك ويفرعه عليه . ( قال ) : وهذا أمر أجنبي عن غرض الجدل ، فإن الاعتناء به دفع لسوء الاعتقاد الذي يدفعه ظاهر الإسلام من غير حاجة خاصة بالجدل ، قال ابن المنير : ولعمري إنه كما قال لو لم يكن لها سر سوى هذا ، وليس الأمر كذلك ، بل سرها عند واضعها أن المعترض إذا عارض معنى الأصل بمعنى أمكن أن يقول له المستدل : معناي أولى ، لأني قد حققت تعديته إلى الفرع ، وإنه يفيد حكما لولاه ما استفدناه . وغاية ما صنعت أنك أبديت معنى في الأصل ، فلعله [ ص: 429 ] قاصر فلا يتعدى إلى فرع يتحقق به كونه مفيدا ، فيبين المعترض حينئذ أنه يساوي المستدل . فإن عدى معناه إلى فرع من فروعه تحقق كونه مفيدا متعديا . وحاصل الأمر طلب تساوي الانعدام بين المستدل والمعترض ، ودفع احتمال القصور الذي هو إما قادح إن بنينا على أن العلة قاصرة مردودة ، أو مرجوح إن بنينا على أنها مقبولة ولكن التعدية أولى .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية