الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                746 [ ص: 513 ] ص: باب: الاستنجاء بالعظام

                                                التالي السابق


                                                ش: أي هذا باب في بيان أحكام الاستنجاء بالعظام، وفي بعض النسخ: باب: الاستجمار بالعظام، وكلاهما بمعنى واحد.

                                                وفي "المطالع": الاستنجاء إزالة النجو، وهو الأذى الباقي في فم المخرج، وأكثر ما يستعمل في الماء، وقد يستعمل في الأحجار. وأصله من النجو، وهو القشر والإزالة، وقيل: من النجوة، وهو: ما ارتفع من الأرض لاستتارهم به، وقيل: لارتفاعهم وتجانبهم عن الأرض عند ذلك، وقال الأزهري عن شمر: الاستنجاء بالحجارة بالحجارة مأخوذ من نجوت الشجرة وأنجيتها، واستنجيتها، إذا قطعتها؛ كأنه يقطع الأذى عنه بالماء أو بحجر يتمسح به، قال: ويقال: استنجيت العقب إذا أخلصته من اللحم ونقيته منه، وأنشد ابن الأعرابي:


                                                فتبازت فتبازخت لها جلسة الأعسر يستنجي الوتر



                                                قلت: ذكر الجوهري هذا الشعر ونسبه إلى عبد الرحمن بن حسان، والظاهر أنه لغيره، حكي في "العباب": قال أبو عمر الزاهد: كان شاعرا يلزم باب معاوية -رضي الله عنه- وهو خليفة، فأبطأت عليه الجائزة، وكانت له جارية يقال لها: صولة يعني لهذا الشاعر، قال: فدفع إليها الشاعر يوما رقعة، فقال: توصلينها إليه. قال: فجاءت فدفعت إليه، فأخذها فقرأها، وهي قائمة، ثم قال لها معاوية: إن كان مثله إلا كاذبا، فقالت: حاشاه مثله لا يكذب، فقال لها معاوية: إن كان مثله لا يكذب، فقد هتك الله سترك، قالت: وأي شيء فيها، فأنشدها:


                                                سائلوا صولة هل نبهتها بعد ما نامت بعرد ذي عجر
                                                [ ص: 514 ] فتبازت فتبازخت لها جلسة الأعسر يستنجي الوتر



                                                وقال الجوهري: استنجى مسح موضع النجو أو غسله، واستنجى الوتر: أي مد القوس، وقال الشاعر...، ثم أنشد هذا البيت، ثم قال: وأصله الذي يتخذ الأوتار للقيسي؛ لأنه يخرج ما في المصارين من النجو، وهو ما يخرج من البطن.

                                                قلت: العرد، بفتح العين وسكون الراء المهملتين، الذكر إذا انتشر وانتصب، والعجر - بضم العين المهملة وفتح الجيم -: جمع عجرة، وهي العقدة في الخشب، وأراد به ها هنا الذكر الذي له طيات كالعقد.

                                                قوله: "فتبازت" أي: رفعت مؤخرتها لإتيان الرجل إليها، وأصله من البزي، بالزاي المعجمة، وهو أن يستأخر العجز ويستقدم الصدر.

                                                قوله: "فتبازخت" أي: تطامنت، وأصله من البزخ بالمعجمتين، وهو خروج الصدر ودخول الظهر، ومنه رجل أبزخ.




                                                الخدمات العلمية