الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 417 ] الباب الخامس والعشرون

                                                                                                                في

                                                                                                                الكتب الحكمية الصادرة والواردة

                                                                                                                فتكتب في كتاب بجمع القضاة : هذه الكتابة إلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين وحكامهم ، أدام الله علاهم وتوفيقهم وتسديدهم ، وأجزل من عوار خطهم ومزيدهم ، بما ثبت في مجلس الحكم العزيز بالمدينة الفلانية ، عند سيدنا ومولانا القاضي فلان ، الحاكم بالديار الفلانية ، وفقه الله لمراضيه ، وأعانه على ما هو متوليه ، وصح لديه في مجلس حكمه وقضائه ، بمحضر من متكلم جائز كلامه ، مسموعة دعواه ، على الوجه الشرعي بشهادة عدلين هما فلان وفلان ، جميع ما تضمنه مسطور الدين المتصل أوله بآخر كتابي هذا الذي مضمونه : بسم الله الرحمن الرحيم ، أشهد فلان بن فلان ، وتنقل جميع المسطور وتاريخه ، ورسم شهادته العدول وتقول : وقد أقام كل منهم شهادته بذلك عنده وقال : إنه بالمقر عارف ، وقبل ذلك من كل منهما القبول على الرسم المعهود في مثله ، وذلك بعد أن ثبت عنده على الوضع الشرعي بشهادة عدلين - هما فلان وفلان - الواضعان رسم شهادتهما في مسطور الدين المذكور ، وقال : إنهما عارفان به ، وقبل ذلك منهما القبول الشرعي ، وسطر تلوم رسم شهادتهما ما جرت العادة به من علامة الأداء والقبول على الرسم المعهود في مثله ، وأحلف المقر به بالله الذي لا إله إلا هو ، اليمين الشرعية المتوجهة عليه ، المشروعة في مسطور الحلف ، المكتتب على ظهر المسطور ، وإن كان [ ص: 418 ] ملصقا كتبت : الملصق بذيل مسطور الدين المذكور ، بالتماسه لذلك على الأوضاع الشرعية ، ثبوتا شرعيا معتبرا ، وأنه حكم بذلك وأمضاه ، والتزم مقتضاه على الوجه الشرعي ، مع إبقاء كل ذي حجة شرعية على حجته ، وهو في ذلك كله نافذ القضاء والحكم ماضيهما ، وبعد تقدم الدعوى المشروعة وما ترتب عليها ، ولما تكامل ذلك عنده ، وصح لديه ، أحسن الله إليه ، سأله من جاز سؤاله ، وسوغت الشريعة المطهرة [ . . . ] من المكاتبة عنه بذلك ، فأجابه إلى سؤاله وتقدم بكتابة هذا الكتاب الحكمي ، فكتب عن إذنه ، فمن وقف عليه من قضاة المسلمين وحكامهم ، أدام الله نعمتهم ، ورفع درجاتهم ، واجتهد في تنفيذه وإمضائه ، حاز الأجر والثواب ، والزلفى وحسن المآب ، وفقه الله وإياه لما يحبه ويرضاه وكتب عن الحكم العزيز بالبلد الفلاني ، وأعمال الديار الفلانية في الفلاني ، مثال العلامة في الكتاب ، الحكم بعد البسملة : كذا وكذا ، عدد الأوصال : كذا وكذا ، وتختم الكتاب ، ثم تكتب عنوانه : من فلان بن فلان الحاكم بالديار الفلانية ، ويشهد عليه رجلين بثبوت ذلك عنده ، ويأخذ خطهما ، وإن كتب أوله هذا الفصل ، كان أحسن ، وهو : هذا الكتاب حكمي ، محرر مرضي ، تقدم بكتابته وتسطيره ، وتنجيزه وتحريره : العبد الفقير إلى الله قاضي القضاة فلان ، وفقه الله تعالى لما يرضيه ، وأعانه على ما هو متوليه ، الحاكم بالبلد الفلاني وجميع أعمال الديار الفلانية ، نصر الله ملكها وضاعف اقتداره ، وأعلى أبدا مناره وأنصاره ، بالولاية الصحيحة الشرعية المتصلة بالمواقف المقدسة الزكية ، النبوية الإمامية ، العباسية الحاكمية بالله ، أمير المؤمنين ، أعز الله به الدين ، وأمتع ببقائه الإسلام والمسلمين ، إلى كل من يصل إليه من حكام المسلمين ونوابهم وخلفائهم ، متضمنا أنه ثبت عنده ، وتكمل الكتاب .

                                                                                                                فصــــل

                                                                                                                وإذا ورد كتاب حكمي فقد ختمه ، فكتب على ظهره : هذا ما أشهد على [ ص: 419 ] نفسه سيدنا ومولانا القاضي فلان بالقاهرة ومصر المحروستين ، وما أضيف إليهما من أعمال الديار المصرية ، أدام الله سعادته ، وأيد سيادته ، أنه ورد عليه الكتاب الحكمي الصادر عن مصدره فلان الحاكم المذكور بدمشق المحروسة ، كل واحد من العدلين أو المقبولين أوالمزكيين ، وهما فلان وفلان عند سيدنا قاضي القضاة فلان المذكور ، الحاكم بالقاهرة ومصر المحروستين ، أدام الله سعادته ، وقالا : إن الحاكم المذكور أشهدهما على نفسه بما تضمنه الكتاب الحكمي المسطور باطنه بعد قراءته على مصدره بحضرتهما وحضور من يعتبر حضوره ، وأن الحاكم فلانا بالقاهرة ومصر المحروستين قبلهما في ذلك القبول السائغ فيه ، ويقرأ الكتاب الحكمي المشروح باطنه على من يشهد على الحكم ، وأن الحاكم فض ختمه بسؤال مورده ، وقابله بمضمونه فوافق ما ذكر فيه ، ولما تكامل ذلك كله عنده سأل من جازت مسألته ، وسوغت الشريعة المطهرة إجابته ، الإشهاد على نفسه الكريمة بثبوت ذلك لديه ، وأنه قبله قبول أمثاله من الكتب الحكمية ، قبولا صحيحا شرعيا ، ونفذ ما حكم به الحاكم المذكور فأمضاه ، والتزم بمقتضاه ، وذلك كله بعد تقدم الدعوى المسموعة في ذلك وما ترتب عليها ، وأبقى كل ذي حجة معتبرة فيه على حجته ، وهو في ذلك كله نافذ القضاء والحكم ، ماضيهما ، وذلك بتاريخ كذا ، وإن كتب على غير ظهر الكتاب الحكمي في كتاب مجرد ، جاز ، ويذكر ما يناسبه من اللفظ على المقاصد المتقدمة ، وتبدل الألفاظ بما يناسبها ، وتقول : وكتب عن مجلس الحكم العزيز بالبلد الفلاني بتاريخ كذا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية